الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: أسد الغابة في معرفة الصحابة **
عقيل بن أبي طالب، واسم أبي طالب: عبد مناف بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف القرشي الهاشمي، ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأخو علي وجعفر لأبويهما، وهو أكبرهما، وان أكبر من جعفر بعشر سنين، وجعفر أكبر من علي بعشر سنين، قاله محمد بن سعد وغيره. يكنى أبا يزيد، أمه فاطمة بنت أسد بن هاشم. قال له النبي صلى الله عليه وسلم: إني أحبك حبين، حباً لقرابتك، وحباً لما كنت أعلم من حب عمي إياك". وكان عقيل ممن خرج مع المشركين إلى بدر مكرهاً، فأسر يومئذ، وكان لا مال له ففداه عمه العباس. ثم أتى مسلماً قبل الحديبية، وهاجر إلى النبي صلى الله عليه وسلم سنة ثمان، وشهد غزوة مؤتة، ثم رجع فعرض له مرض، فلم يسمع له بذكر في غزوة الفتح ولا حنين ولا الطائف. وقد أعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم من خيبر مائة وأربعين وسقاً كل سنة. وقد قيل: إنه ممن ثبت يوم حنين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكان سريع الجواب المسكت للخصم، وله فيه أشياء حسنة لا نطول بذكرها. وكان أعلم قريش بالنسب، وأعلمهم بأيامها، ولكنه كان مبغضاً إليهم، لأنه كان يعد مساويهم. وكانت له طنفسة تطرح له في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويجتمع الناس إليه في علم النسب وأيام العرب. وكان يكثر ذكر مثالب قريش، فعادوه لذلك، وقالوا فيه بالباطل، ونسبوه فيه إلى الحمق، واختلقوا عليه أحاديث مزورة، وكان مما أعانهم عليه مفارقته أخاه علياً رضي الله عنه، ومسيره إلى معاوية بالشام، فقيل: إن معاوية قال له يوماً: هذا أبو يزيد لولا علمه بأني خير له من أخيه، لما أقدم عندنا. فقال عقيل: أخي خير لي في ديني، وأنت خير لي في دنياي، وقد آثرت دنياي، وأسأل الله خاتمة خير بمنه. وإنما سار إلى معاوية لأنه كان زوج خالته فاطمة بنت عتبة بن ربيعة ولما: أخبرنا أبو محمد بن أبي القاسم الدمشقي كتابة، أخبرنا أبي قال: قرأت على أبي محمد عبد الله بن أسد بن عمار، عن عبد العزيز بن أحمد، أخبرنا عبد الوهاب بن جعفر بن علي، ونقلته من خطه، حدثني أحمد بن علي بن عبد الله، حدثني محمد بن سعيد العوصي، حدثنا محمود بن محمد الحافظ، حدثنا عبيد الله بن محمد، حدثني محمد بن حسان الضبي، حدثنا الهيثم بن عدي، حدثني عبد الله بن عياش المرهبي وإسحاق بن سعد، عن أبيه: أن عقيل بن أبي طالب لزمه دين، فقدم على علي بن أبي طالب الكوفة، فأنزله وأمر ابنه الحسن فكساه، فلما أمسى دعا بعشائه فإذا خبز وملح وبقل، فقال عقيل: ما هو إلا ما أرى? قال: لا. قال: فتقضي ديني? قال: وكم دينك? قال: أربعون ألفاً. قال: ما هي عندي. ولكن اصبر حتى يخرج عطائي، فإنه أربعة آلاف فأدفعه إليك. فقال له عقيل: بيوت المال بيدك وأنت تسوفني بعطائك! فقال: أتأمرني أن أدفع إليك أموال المسلمين، وقد ائتمنوني عليها?! قال: فإني آت معاوية. فأذن له، فأتى معاوية فقال له: يا أبا يزيد، كيف تركت علياً وأصحابه? قال: كأنهم أصحاب محمد، إلا أني لم أر رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم، وكأنك وأصحابك أبو سفيان وأصحابه، إلا أني لم أر أبا سفيان فيكم. فلما كان الغد قعد معاوية على سريره، وأمر بكرسي إلى جنب السرير، ثم أذن للناس فدخلوا، وأجلس الضحاك بن قيس معه على سريره، ثم أذن لعقيل فدخل عليه، فقال: يا معاوية، من هذا معك? قال: الضحاك بن قيس. فقال: الحمد لله الذي رفع الخسيسة وتمم النقيصة! هذا الذي كان أبوه يخصي بهمنا بالأبطح، لقد كان بخصائها رفيقاً. فقال الضحاك: إني لعالم بمحاسن قريش، وإن عقيلاً عالم بمساويها. وأمر له معاوية بخمسين ألف درهم، فأخذها ورجع. روى هشام بن محمد بن الشائب الكلبي، عن أبيه، عن أبي صالح، عن ابن عباس قال: كان في قريش أربعة يتنافر الناس إليهم ويتحاكمون: عقيل بن أبي طالب، ومخرمة بن نوفل الزهري، وأبو جهم بن حذيفة العدوي وحويطب بن عبد العزى العامري. وكان الثلاثة يعدون محاسن الرجل إذا أتاهم، فإذا كان أكثر محاسن نفروه على صاحبه. وكان عقيل يعد المساوئ، فأيما كان أكثر مساوئ تركه. فيقول الرجل: وددت أني لم آته، أظهر من مساويّ ما لم يكن الناس يعلمون. روى عنه ابنه محمد، والحسن البصري، وغيرهما. وهو قليل الحديث. أخبرنا عبد الوهاب بن هبة الله بن أبي حبة بإسناده عن عبد الله بن أحمد قال: حدثني ابي، حدثنا الحكم بن نافع، حدثنا إسماعيل بن عياش، عن سالم بن عبد الله، عن عبد الله بن محمد ابن عقيل قال: تزوج عقيل بن أبي طالب فخرج علينا، فقلنا له: بالرفاء والبنين. فقال: مه! لا تقولوا ذلك؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك، وقال: قولوا :"بارك الله لك وبارك عليك، وبارك لك فيها". وتوفي عقيل في خلاقة معاوية. أخرجه الثلاثة. عقيل بن مالك الحميري. من أبناء الملوك. كان جاراً لبني حنيفة، وكان مسلماً مجتهداً، فأوصاهم بالإقامة على الإسلام حين أرادوا الردة، فأبوا عليه. قاله وثيمة، ذكره ابن الدباغ فيما استدركه على أبي عمر. عقيل بن مقرن المزني. يكنى أبا حكيم، أخو النعمان، وسويد، ومعقل بني مقرن. تقدم نسبه، قدم على النبي صلى الله عليه وسلم وصحبه. قال الواقدي: وممن نزل الكوفة من أصحابه عقيل بن مقرن أبو حكيم. وقاله البخاري: عقيل بن مقرن، أبو حكيم المزني. وكذلك قال أحمد بن سعيد الدارمي. أخرجه أبو عمر وأبو موسى والله أعلم. عك ذو خيوان. تقدم ذكره في الذال. أخرجه أبو عمر، وابو موسى. عكاشة بن ثور بن أصغر الغوثي. كان عاملاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم على السكاسك والسكون وبني معاوية من كندة. ذكره سيف في كتابه، أخرجه أبو عمر هكذا، وقال: لا أعرفه بغير هذا. عكاشة الغنوي: أورده ابن شاهين في الصحابة، وروى بإسناده عن حفص بن ميسرة، عن زيد بن أسلم، عن عكاشة الغنوي: أنه كانت له جارية في غنم له ترعاها، ففقد منها شاة، فضرب الجارية على وجهها، ثم أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بفعله، وقال: لو أعلم أنها مؤمنة لأعتقتها. فدعاها النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أتعرفينني? فقالت: أنت رسول الله. قال: فأين الله? قالت. في السماء. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أعتقها فإنها مؤمنة". أخرجه أبو موسى، والذي صح أن هذا كان لبني مقرن، والله أعلم. بن حرثان بن قيس بن مرة بن كثير بن غنم بن دودان بن أسد بن خزيمة الأسدي. حليف بني عبد شمس، يكنى أبا محصن. كان من سادات الصحابة وفضلائهم. هاجر إلى المدينة، وشهد بدراً وأبلى فيها بلاءً حسناً، وانكسر في يده سيف، فأعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم عرجوناً- أو: عوداً- فعاد في يده سيفاً يومئذ شديد المتن، أبيض الحديدة، فقاتل به حتى فتح الله عز وجل على رسوله صلى الله عليه وسلم، ثم لم يزل عنده يشهد به المشاهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قتل في الردة وهو عنده، وكان ذلك السيف يسمى العون. وشهد أحداً، والخندق، والمشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبشره رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه ممن يدخل الجنة بغير حساب. وقتل في قتال أهل الردة، في خلافة أبي بكر؛ قتله طليحة بن خويلد الأسدي الذي ادعى النبوة، قتل هو وثابت بن أقرم يوم بزاخة. هذا قول أهل السير والتواريخ. وقال سليمان التيمي: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث سرية إلى بني أسد، فقتله طليحة بن خويلد، وقتل ثابت بن أقرم. وهو وهم، وإنما قاله لقرب الحادثة من عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكان عكاشة يوم توفي النبي صلى الله عليه وسلم ابن أربع وأربعين سنة، وكان من أجمل الرجال. روى عنه أبو هريرة وابن العباس. أخرجه الثلاثة. عكاشة بتخفيف الكاف وتشديدها، وحرثان: بضم الحاء المهملة، وسكون الراء، وبالثاء المثلثة، وبعد الألف نون. عكاف بن وداعة الهلالي. أخبرنا منصور بن أبي الحسن بن أبي عبد الله الفقيه بإسناده عن أحمد بن علي بن المثنى قال: حدثنا أبو طالب عبد الجبار بن عاصم، حدثنا بقية بن الوليد، عن معاوية بن يحيى، عن سليمان بن موسى، عن مكحول، عن غضيف بن الحارث، عن عطية بن بسر المازني قال: جاء عكاف بن وداعة الهلالي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا عكاف، ألك زوجة? قال: لا. قال: ولا جارية? قال: لا. قال: وأنت صحيح موسر? قال: نعم، والحمد لله. قال: فأنت إذاً من إخوان الشياطين، إما أن تكون من رهبان النصارى فأنت منهم، وإما أن تكون منا فاصنع كما نصنع، وإن من سنتنا النكاح، شراركم عزابكم، وأراذل موتاكم عزابكم، ويحك يا عكاف! تزوج! قال: فقال عكاف: يا رسول الله، لا أتزوج حتى تزوجني من شئت. قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فقد زوجتك على اسم الله والبركة كريمة بنت كلثوم الحميري. أخرجه الثلاثة. عكراش بن ذؤيب التميمي المنقري. كذا قاله ابن منده. وقال أبو نعيم وأبو عمر: عكراش بن ذؤيب بن حرقوص بن جعدة بن عمرو بن النزال بن مرة بن عبيد، أتى النبي صلى الله عليه وسلم بصدقات قومه. ولم يذكرا تمام النسب؛ فإن عبيداً هو ابن مقاعس- واسمه الحارث- بن عمرو بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم. ولما أتى النبي صلى الله عليه وسلم بصدقات قومه بني مرة، أمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن توسم بميسم الصدقة. أخبرنا إسماعيل بن عبيد وغير واحد بإسنادهم إلى أبي عيسى قال: حدثنا محمد بن بشار حدثنا العلاء بن عبد الملك بن أبي سوية أبو الهذيل، حدثني عبيد الله بن عكراش بن ذؤيب، عن أبيه عكراش قال: بعثني بنو مرة بن عبيد بصدقات أموالهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فقدمت المدينة فوجدته جالساً في المهاجرين والأنصار، فأخذ بيدي فانطلق بي إلى منزل أم سلمة، فقال: هل من طعام? فأتينا بجفنة كثيرة الثريد والودك. فأقبلنا نأكل، فأكل رسول الله صلى الله عليه وسلم مما بين يديه، وخبطت بيدي في نواحيها. فقبض بيده اليسرى على يدي اليمنى، ثم قال: "يا عكراش، كل من موضع واحد، فإن طعام واحد". ثم أتينا بطبق فيه ألوان الرطب- أو: التمر، شك عبيد الله- فجعلت آكل من بين يدي، وجعلت يد رسول الله صلى الله عليه وسلم في الطبق فقال: "يا عكراش، كل من حيث شئت، فإنه غير لون واحد". ثم أتينا بماء، فغسل رسول الله صلى الله عليه وسلم يده، ثم مسح ببلل كفه وجهه وذراعيه، ثم قال: "يا عكراش هكذا الوضوء مما غيرته النار". أخرجه الثلاثة. قلت: قول ابن منده: إنه منقري وهم منه، إنما هو من ولد مرة بن عبيد أخي منقر بن عبيد، ودليله ما ذكر في الحديث: أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم بصدقة قومه بني مرة بن عبيد، وكل إنسان كان يحمل صدقة قومه، لا صدقة غيرهم، والله أعلم. عكرمة بن أبي جهل بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشي المخزومي. وأمه أم مجالد إحدى نساء بني هلال بن عامر، واسم أبي جهل عمرو، وكنيته أبو الحكم وإنما رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون كنوه أبا جهل، فبقي عليه ونسي اسمه وكنيته- وكنية عكرمة. هو عثمان. أسلم بعد الفتح، بقليل، وكان شديد العداوة لرسول الله صلى الله عليه وسلم في الجاهلية، ومن أشبه أباه فما ظلم! وكان فارساً مشهوراً، ولما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة هرب منها ولحق باليمن، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لما سار إلى مكة أمر بقتل عكرمة ونفر معه. أخبرنا أبو الفضل الفقيه المخزومي بإسناده إلى أبي يعلى قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا أحمد بن المفضل، حدثنا أسباط بن نصر قال: زعم السدي، عن مصعب بن سعد، عن أبيه قال: لما كان يوم فتح مكة أمن رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس إلا أربعة نفر وامرأتين، وقال: اقتلوهم وإن وجدتموهم متعلقين بأستار الكعبة: عكرمة بن أبي جهل، وعبد الله بن خطل، ومقيس بن صبابة وعبد الله بن سعد بن أبي سرح، فأما ابن خطل فأدرك وهو متعلق بأستار الكعبة، فاستبق إليه سعيد بن حريث وعمار بن ياسر، فسبق سعيد عماراً- وكان أثبت الرجلين- فقتله، وأما مقيس بن صبابة فأدركه الناس في السوق فقتلوه، وأما عكرمة فركب البحر فأصابتهم عاصف، فقال أصحاب السفينة لأهل السفينة: أخلصوا فإن آلهتكم لا تغني عنكم شيئاً ها هنا. فقال عكرمة: إن لم ينجني في البحر إلا خلاص ما ينجيني في البر غيره، اللهم لك علي عهد إن أنت عافيتني مما أنا فيه أن آتي محمداً حتى أضع يدي في يده، فلأجدنه عفواً كريماً. قال: فجاء فأسلم. وأما عبد الله بن سعد فإنه اختفى عند عثمان بن عفان، فلما دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس للبيعة، جاء به حتى وقفه على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، بايع عبد الله. فرفع رأسه فنظر إليه، فعل ذلك ثلاثاً، ثم بايعه بعد الثلاث. ثم أقبل على أصحابه فقال: أما كان فيكم رجل رشيد فيقوم إلى هذا حين رآني كففت يدي عن مبايعته فيقتله. وقيل: إن زوجته أم حكيم بنت عمه الحارث بن هشام، سارت إليه وهو باليمن بأمان رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت أسلمت قبله يوم الفتح، فردته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأسلم وحسن إسلامه. وكان من صالحي المسلمين، ولما رجع قام إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعتنقه، وقال: مرحباً بالراكب المهاجر. ولما أسلم كان المسلمون يقولون: هذا ابن عدو الله أبي جهل! فساءه ذلك، فشكى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه: "لا تسبوا أباه، فإن سب الميت يؤذي الحي". ونهاهم أن يقولوا: عكرمة بن أبي جهل. اللهم صل على محمد، وعلى آل محمد، فما أحسن هذا الخلق وأعظمه وأشرفه. ولما أسلم عكرمة قال: يا رسول الله، لا أدع مالاً أنفقت عليك إلا أنفقت في سبيل الله مثله. واستعمله رسول الله صلى الله عليه وسلم على صدقات هوازن عام حج. أخبرنا إبراهيم بن محمد وغير واحد بإسنادهم عن أبي عيسى الترمذي قال: حدثنا عيد بن حميد وغير واحد قالوا: حدثنا موسى بن مسعود، عن سفيان، عن أبي إسحاق، عن مصعب بن سعد، عن عكرمة بن أبي جهل قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم جئته: "مرحباً بالراكب المهاجر". وله في قتال أهل الردة أثر عظيم. استعمله أبو بكر رضي الله عنه على جيش، وسيره إلى أهل عمان، وكانوا ارتدوا، فظهر عليهم. ثم وجهه أبو بكر أيضاً إلى اليمن، فلما فرغ من قتال أهل الردة سار إلى الشام مجاهداً أيام أبي بكر مع جيوش المسلمين، فلما عسكروا بالجرف على ميلين من المدينة، خرج أبو بكر يطوف في معسكرهم، فبصر بخباء عظيم حوله ثمانية أفراس ورماح وعدة ظاهرة فانتهى إليه فإذا بخباء عكرمة، فسلم عليه أبو بكر، وجزاه خيراً، وعرض عليه المعونة، فقال: لا حاجة لي فيها، معي ألفا دينار. فدعا له بخير، فسار إلى الشام واستشهد بأجنادين. وقيل: يوم اليرموك، وقيل: يوم الصفر. أخبرنا غير واحد كتابة، عن أبي القاسم بن السمرقندي، أخبرنا أبو الحسين بن النقور، أخبرنا أبو طاهر المخلص، أخبرنا أبو بكر بن سيف، أخبرنا السري بن يحيى، حدثنا شعيب بن إبراهيم، حدثنا سيف بن عمر، عن أبي عثمان الغساني- وهو يزيد بن أسيد- عن أبيه قال: عكرمة بن أبي جهل يومئذ- يعني يوم اليرموك: قاتلت رسول الله صلى الله عليه وسلم في كل موطن، وأفر منكم اليوم. ثم نادى: من يبايعني على الموت? فبايعه عمه الحارث بن هشام، وضرار بن الأزور في أربعمائة من وجوه المسلمين وفرسانهم، فقاتلوا قدام فسطاط خالد حتى أثبتوا جميعاً جراحة وقتلوا إلا ضرار بن الأزور. قالوا: وأخبرنا أبو القاسم أيضاً، أخبرنا أبو علي بن المسلمة، أخبرنا أبو الحسن بن الحمامي، أخبرنا أبو علي بن الصواف، حدثنا محمد بن الحسن بن علي القطان، حدثنا إسماعيل بن عيسى العطار، حدثنا إسحاق بن بشر قال: أخبرني محمد بن إسحاق ، عن الزهري قال:- وأخبرني ابن سمعان أيضاً عن الزهري- أن عكرمة بن أبي جهل يومئذ- يعني يوم فحل كان أعظم الناس بلاءً، وأنه كان يركب الأسنة حتى جرحت صدره ووجهه، فقيل له: اتق الله، وارفق بنفسك. فقال: كنت أجاهد بنفسي عن اللات والعزى، فأبذلها لها، أفأستبقيها الآن عن الله ورسوله? لا والله أبداً. قالوا: فلم يزدد إلا إقداماً حتى قتل رحمه الله تعالى. وأخبرنا غير واحد إجازة، أخبرنا أبو المعالي ثعلب بن جعفر، أخبرنا الحسين بن محمد الشاهد، حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد الله بن هلال النحوي، حدثنا يوسف بن يعقوب بن أحمد الجصاص، حدثنا محمد بن سنان، حدثنا يعقوب بن محمد، حدثنا المطلب بن كثير، حدثنا الزبير بن موسى، عن مصعب بن عبد الله بن أبي أمية، عن أم سلمة زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "رأيت لأبي جهل عذقاً في الجنة". فلما أسلم عكرمة بن أبي جهل قال: يا أم سلمة، هذا هو. وليس لعكرمة عقب، وانقرض عقب أبي جهل إلا من بناته. أخرجه الثلاثة. ?عكرمة بن عامر: عكرمة بن عامر بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصي القرشي العبدري. هو الذي باع دار الندوة من معاوية بمائة ألف. وهو معدود في المؤلفة قلوبهم. أخرجه أبو عمر مختصراً. عكرمة بن عبيد الخولاني. ذكر في الصحابة ولا تعرف له رواية وشهد فتح مصر. أخرجه ابن منده وأبو نعيم مختصراً. العلاء بن حارثة بن عبد الله بن أبي سلمة بن عبد العزى بن غيرة بن عوف بن ثقيف. من وجوه ثقيف، أحد المؤلفة قلوبهم وهو من حلفاء بني زهرة، أعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم من غنائم حنين مائة من الإبل. وقال أبو أحمد العسكري: العلاء بن جارية، وبعضهم يقول: خارجة. أخرجه الثلاثة. العلاء بن الحضرمي- واسم الحضرمي عبد الله- بن عباد بن أكبر بن ربيعة بن مالك بن أكبر بن عويف بن مالك بن الخزرج بن أبيّ بن الصدف- وقيل: عبد الله بن عمار- وقيل: عبد الله بن ضمار- وقيل: عبد الله بن عبيدة بن ضمار بن مالك. وقال الدار قطني: زعم الأملوكي أنه عبد الله بن عباد، فصحف. ولا يختلفون أنه من حضرموت، حليف حرب بن أمية، ولاه النبي صلى الله عليه وسلم البحرين. وتوفي النبي صلى الله عليه وسلم وهو عليها، فأقره أبو بكر خلافته كلها، ثم أقره عمر، وتوفي في خلافة عمر سنة أربع عشرة، وقيل: توفي سنة إحدى وعشرين والياً على البحرين، واستعمل عمر بعده أبا هريرة. وهذا العلاء هو أخو عامر بن الحضرمي الذي قتل يوم بدر كافراً، وأخوهما عمروبن الحضرمي أول قتيل من المشركين قتله مسلم. وكان ماله أول مال خمس في الإسلام قتل يوم نخلة. وأختهم الصعبة بنت الحضرمي، وتزوجها أبو سفيان وطلقها، فخلف عليها عبيد الله بن عثمان التيمي، فولدت له طلحة بن عبيد الله التيمي. قال هذا جميعه ابن الكلبي. يقال: إن العلاء كان مجاب الدعوة، وأنه خاض البحر بكلمات قالها ودعا بها ولما قاتل أهل الردة بالبحرين كان له في قتالهم أثر كبير، وقد ذكرناه في الكامل في التاريخ، وذلك مشهور عنه. وكان له أخ يقال له: ميمون بن الحضرمي، وهو صاحب البئر التي بأعلى مكة المعروفة ببئر ميمون، حفرها في الجاهلية. أخبرنا إبراهيم بن محمد وغيره بإسنادهم عن محمد بن عيسى قال: حدثنا أحمد بن منيع، حدثنا سفيان بن عيينة، عن عبد الرحمن بن حميد سمع السائب بن يزيد، عن العلاء بن الحضرمي- يعني مرفوعاً- قال: يمكث المهاجر بعد قضاء نسكه بمكة ثلاثاً. ورواه إسماعيل بن محمد بن سعد بن حميد، عن السائب، عن العلاء، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. أخرجه الثلاثة. العلاء بن خارجة، من أهل المدينة، روى عنه عبد الملك بن يعلى. روى وهيب، عن عبد الرحمن بن حرملة، عن عبد الملك بن يعلى، عن العلاء بن خارجة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم؛ فإن صلة الرحم محبة للأهل، ومثراة في المال، ومنسأة في الأجل". ورواه هشام المخزومي، ومسلم بن إبراهيم، عن وهيب، مثله. ورواه مسلم بن خالد الزنجي، عن عبد الملك بن عيسى بن العلاء، عن عبد الله بن يزيد مولى المنبعث، عن أبي هريرة، نحوه. أخرجه ابن منده، وأبو نعيم. العلاء بن خباب. سكن الكوفة. روى عنه ابنه عبد الله، وعبد الرحمن بن عابس. روى سماك بن حرب، عن عبد الله بن العلاء، عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال حين استيقظ: "لو شاء أيقظنا، ولكنه أراد أن يكون لمن بعدكم". ومن حديثه في أكل الثوم. قال أبو عمر: ذكروه في الصحابة، وما أظنه سمع من النبي صلى الله عليه وسلم. وقال أبو أحمد العسكري: العلاء بن خباب، ويقال: العلاء بن عبد الله بن خباب. أخرجه الثلاثة. العلاء بن سبع. له صحبة، وفي صحبته نظر. روى عنه السائب بن يزيد، وقد قيل: إنه العلاء بن الحضرمي، قاله أبو عمر. وقال أبو موسى: العلاء بن سبع، له صحبة. أخرجاه مختصراً. العلاء بن سعد الساعدي. روى عنه ابنه عبد الرحمن أنه كان ممن بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفتح. روى عطاء بن يزيد بن مسعود من بني الحبلي، عن سليمان بن عمرو بن الربيع بن سالم، عن عبد الرحمن بن العلاء من بني ساعدة، عن أبيه العلاء بن سعد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوماً لجلسائه: هل تسمعون ما أسمع? قالوا: وما تسمع يا رسول الله? قال: أطت السماء وحق لها أن تئط، إنه ليس فيها موضع قدم إلا وعليه ملك قائم أو راكع أو ساجد، ثم تلا: "وإنا لنحن الصافون وإنا لنحن المسبحون". أخرجه ابن منده وأبو نعيم. العلاء- وقيل: علاثة بن صحار السليطي، من بني سليط- واسمه كعب بن الحارث بن يربوع التميمي السليطي، وهو عم خارجة بن الصلت. ذكره ابن شاهين فقال: قال ابن أبي خيثمة: أخبرت باسمه عن أبي عبيد القاسم بن سلام. وقال المستغفري: علاقة بن شجار، قاله علي بن المديني، يعني السليطي الذي روى عنه الحسن، قال: ويقال: ابن صحار. وحكاه أيضاً عن ابن أبي خيثمة، عن أبي عبيد، قال: وقال خليفة: اسم عم خارجة: عبد الله بن عثير بن عبد قيس بن خفاف، من بني عمرو بن حنظلة من البراجم. وحكى عن خليفة قال: علاثة بن شجار بخط أبي يعلى النسفي، قال: وقال البردعي: ابن شجار بالتخفيف. العلاء بن عقبة. كتب للنبي صلى الله عليه وسلم ذكره في حديث عمرو بن حزم، ذكره جعفر. أخرجه أبو موسى مختصراً. العلاء بن عمرو الأنصاري. له صحبة وشهد مع عليّ صفين. أخرجه أبو عمر مختصراً. العلاء بن مسروح. حجازي. روى عمرو بن تميم بن عويم، عن أبيه، عن جده قال: كانت أختي مليكة وامرأة منا يقال لها أم عفيف بنت مسروح، تحت رجل منا يقال له: حمل بن مالك بن النابغة وذكر الحديث، وفيه: فقال العلاء بن مسروح: يا رسول الله، أنغرم من لا شرب ولا أكل ولا نطق ولا استهل، فمثل ذلك يطل. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أسجع كسجع الجاهلية"?!. أخرجه ابن منده وأبو نعيم. العلاء بن وهب بن محمد بن وهبان بن ضباب بن حجير بن عبد بن معيص بن عامر بن لؤي. شهد القادسية، وكتب عثمان إلى معاوية يأمره أن يستعمله على الجزيرة، فولاه، وتزوج زينب بنت عقبة بن أبي معيط، وهو من مسلمة الفتح. أقام بالرقة أميراً. أخرجه ابن منده وأبو نعيم، ولم يذكره أبو عروبة ولا أبو علي بن سعيد في تاريخ الجزريين، وهما إماما الجزريين في الحديث. العلاء بن يزيد بن أنيس الفهري. رأى النبي صلى الله عليه وسلم، وقدم مصر بعد أن فتحت، وعقبه بها. وهو جد أبي الحارث أحمد بن سعيد الفهري. قاله أبو سعيد بن يونس. أخرجه ابن منده وأبو نعيم. علاثة بن صحار السليطي، عم خارجة بن الصلت. كذا ذكره ابن أبي خيثمة، عن أبي عبيد القاسم بن سلام، وقد تقدم الخلاف في العلاء بن صحار. روى الشعبي، عن خارجة بن الصلت: أن عماً له أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فلما خرج مر على أعرابي مجنون موثق في الحديد، فقال بعضهم: أعندك شيء تداويه فإن صاحبك قد جاء بخير? قال: نعم، فرقيته بأم الكتاب ثلاثة أيام، كل يوم مرتين، فبرأ. فأعطوني مائة شاة فلم آخذها حتى أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته، فقال: قلت: غير هذا? قلت: لا. قال: كلها باسم الله، لعمري لمن أكل برقية باطل لقد أكلت برقية حق. أخرجه الثلاثة. علاقة بن صحار. تقدم القول فيه في العلاء بن صحار. علباء الأسدي. قاله أبو أحمد العسكري، وقال: قالوا: إنه لحق يعني النبي صلى الله عليه وسلم، وروى بإسناده عن محمد بن بكر، عن ابن جريج عن أبي الزبير، عن علباء الأسدي أخبره: أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان إذا استوى على بعيره خارجاً إلى سفر كبر ثلاثاً، ثم قال: "الحمد لله الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين". كذا ذكره العسكري، وقد أخبرنا به أبو بكر محمد بن رمضان بن عثمان التبريزي، حدثنا أبي، حدثنا الأستاذ أبو القاسم القشيري، حدثنا علي بن أحمد بن عبدان، أخبرنا أحمد بن عبيد النضري، حدثنا محمد بن الفرج الأزرق، حدثنا حجاج قال: قال ابن جريج: أخبرني أبو الزبير، عن علباء الأزدي، أن ابن عمر علمهم: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا استوى على البعير خارجاً إلى سفر كبر ثلاثاً. أخرج العسكري علباء هذا في بني أسد بن خزيمة، والذي أظنه أنه بسكون السين، لأنه من الأزد، وهم يبدلون كثيراً في هذا من الزاي سيناً، فيقولون: أزدي وأسدي، بسين ساكنة، فرآه العسكري بالسين، فظنه بسين مفتوحة، فجعله من أسد خزيمة، وقد غلط في مثل هذا إنسان من أكابر العلماء، فإنه رأى ابن اللتبية الأسدي- أعني بالسين الساكنة- فظنه بالفتح، فقال: رجل من بني أسد. والله أعلم. علباء بن أصمع القيسي. وفد على النبي صلى الله عليه وسلم. روى عنه عباد بن جهور: أنه قال: وفدت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فسمعته يقول: "إن الناس إذا أقبلوا على الدنيا أضروا بالآخرة، ورضي كل قوم بما يشتهون، وتركوا الدين، عمهم الله عز وجل بغضبه، ثم دعوه فلم يجب لهم". أخرجه ابن منده. علباء السلمي. يعد في أهل المدينة له حديث واحد. أخبرنا يحيى بن محمود إذناً بإسناده إلى أبي بكر بن أبي عاصم قال: حدثنا محمد بن علي بن ميمون، حدثنا خضر بن محمد، حدثنا علي بن ثابت، عن عبد الحميد بن جعفر، عن أبيه، عن علباء السلمي قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا تقوم الساعة حتى يلي الناس رجل من الموالي، يقال له: جهجاه". أخرجه ابن منده وأبو عمر. علبة بن زيد بن صيفي عن عمرو بن زيد بن جشم بن حارثة بن الحارث بن الخزرج بن عمرو بن مالك بن الأوس الأنصاري الأوسي الحارثي، من بني حارثة. يعد في أهل المدينة. روى عنه محمود بن لبيد. وهو أحد البكائين الذين "تولوا وأعينهم تفيض من الدمع". وروى عبد المجيد بن أبي عبس بن جبر، عن أبيه، عن جده قال: لما حض رسول الله صلى الله عليه وسلم على الصدقة، جاء كل منهم بطاقته، فقال علبة بن زيد: ليس عندي ما أتصدق به، اللهم إني أتصدق بعرضي على من ناله من خلقك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله عز وجل قبل صدقتك". أخرجه الثلاثة. علس بن الأسود الكندي. ذكره الطبري فيمن وفد على النبي صلى الله عليه وسلم هو وأخوه سلمة بن الأسود. أخرجه أبو عمر. علس. قال الكلبي: علس بن النعمان بن عمرو بن عرفجة بن العاتك بن امرئ القيس بن ذهل بن معاوية بن الحارث الأكبر الكندي. وفد إلى النبي صلى الله عليه وسلم هو وأخواه حجر ويزيد، فلا أدري: هل هذا هو الذي ذكره الطبري ونسبه إلى الأسود أم غيره? وقد ذكرناه على ما قاله هشام الكلبي، والله أعلم.
|