أزف الترحل غير أن ركابنا ** لمّا تزل برحالنا وكأن قد
أي: قَرُب، ونظيرها هذه الآية قوله تعالى: {أَزِفَتِ الآزفة} [النجم: 57] أيّ قربت القيامة.{إِذِ القلوب لَدَى الحناجر} من الخوف قد زالت وشخصت من صدورهم، فتعلقت بحلوقهم فلا هي تعود إلى أماكنها ولا هي تخرج من أفواههم فيموتوا فليسوا سواء نظيره قوله: {وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَآءٌ} [إبراهيم: 43] {كَاظِمِينَ} مكروبين ممتلئين خوفاً وحزناً، والكاظم الممسك للشيء على مافيه، ومنه كظم قربته إذا شد رأسها، فهم قد أطبقوا أفواههم على مافي قلوبهم من شدة الخوف، والكظم تردد الغيظ والخوف والحزن في القلب حين يضيق به.يقول العرب للبئر الضيقة وللسقاية المملؤة: ماء كظامة وكاظمة، ومنه الحديث: كيف بكم إذا بعجت مكة كظائم.قال الشاعر:
يخرجن من كاظمة العصن الغرب ** يحملن عبّاس بن عبد المطلب
تراك أمكنة إذا لم أرضها ** أو يرتبط بعض النفوس حمامها
أي كل النفوس.{إِنَّ الله لاَ يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ} مشرك.وقال السدي: قتّال.{كَذَّابٌ} على الله.أخبرنا الامام أبو منصور محمّد بن عبد الله الجمشاذي حدثنا أبو العبّاس الأصم حدثنا العبّاس بن محمّد الثوري حدثنا خالد بن مخلد القطواني حدثنا سليمان بن بلال حدثني هشام بن عروة عن أبيه عن عمرو بن العاص قال: ما تؤول من رسول الله صلى الله عليه وسلم شيء كان أشد من أن طاف بالبيت فلقوه حين فرغ فأخذوا بمجامع ردائه فقالوا: أنت الذي تنهانا عمّا كان يعبد آباؤنا؟فقال: «أنا ذاك».فقام أبو بكر رضي الله عنه فالتزمه من ورائه وقال: {أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَن يَقُولَ رَبِّيَ الله وَقَدْ جَآءَكُمْ بالبينات مِن رَّبِّكُمْ} إلى آخر الآية رافع صوته بذلك، وعيناه تسفحان حتّى أرسلوه.