الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: رد المحتار على الدر المختار شرح تنوير الأبصار ***
مطلب رد المشترى فاسدا إلى بائعه فلم يقبله (قوله وكل مبيع فاسد) وصف المبيع بالفساد لكونه محله (قوله كإعارة) وكوديعة ورهن بحر (قوله وغصب) فيه أن الكلام في رد المشترى. والجواب أن المراد بالرد وقوعه في يد البائع كما أفاده ما بعده ط (قوله ووقع في يد بائعه) الظاهر أن هذا شرط في الرد الحكمي كما في المسائل المذكورة، أما لو رده عليه قصدا فلا لما في الخانية: رده المشتري للفساد فلم يقبله، فأعاده إلى منزله فهلك لا يضمنه. وقال بعضهم: هذا لو الفساد متفقا عليه، فلو مختلفا فيه ضمنه. والصحيح أنه يبرأ فيهما إلا إذا وضع بين يديه فلم يقبله فذهب به إلى منزله فإنه يضمنه ا هـ. وذكر في البحر عن القنية أن الأشبه ما قاله بعضهم من التفصيل المذكور. قلت: لكن لا يخفى أن تصحيح قاضي خان مقدم؛ لأنه فقيه النفس. والحاصل أن الرد صح مطلقا وإن لم يقع في يد البائع لكون الرد قصديا لا ضمنيا، وبه يخرج عن الضمان؛ لأنه فعل الواجب عليه، لكن إذا وضعه بين يدي البائع حصل القبض أيضا بناء على أن التخلية قبض وهو ما مر تصحيحه عن قاضي خان أيضا، فإذا ذهب به بلا إذنه صار غاصبا فيضمنه، بخلاف ما إذا ذهب به قبل التخلية المذكورة لعدم حصول القبض من البائع، فلم يصر غاصبا بالذهاب ولم يضمنه لوجود الرد الواجب عليه كما قلنا. وبه ظهر أن المراد بوقوعه في يده وقوعه فيها حقيقة أو حكما كالتخلية المذكورة وأن هذا شرط في الرد الحكمي لا القصدي كما علمته، هذا ما ظهر لي فاغتنمه (قوله أن المستحق بجهة) كالرد للفساد هنا فإنه مستحق للبائع على المشتري، ومثله رد المغصوب على المغصوب منه (قوله بجهة أخرى) كالهبة ونحوها (قوله وإلا فلا) أي وإن لم يصل من جهة المستحق عليه بل وصل من جهة غيره فلا يعتبر، حتى إن المشتري فاسدا إذا وهب المشترى من غير بائعه أو باعه لرجل فوهبه الرجل من البائع الأول وسلمه لا يبرأ المشتري عن قيمته ولم يعتبر العين واصلا إلى البائع بالجهة المستحقة لما وصل من جهة أخرى جامع الفصولين. (قوله فإن باعه إلخ) محترز قوله ما دام في يد المشتري، وقيد ببيع المشتري؛ لأن البائع لو باعه بعد قبض المشتري وادعى أن الثاني كان قبل فسخ الأول وقبضه وزعم المشتري الثاني أنه كان بعد الفسخ والقبض من الأول فالقول له لا للبائع وينفسخ الأول بقبض الثاني بحر عن البزازية ومثله في جامع الفصولين، ولعل وجه انفساخ الأول أن المشتري الثاني نائب عن البائع في القبض لوجوب التسليم عليه فصار كأنه وقع في يد البائع. تأمل، وأفاد أن البيع ثابت، أما لو ادعى المشتري بيعه من فلان الغائب وبرهن لا يقبل وللبائع أخذه ولو صدقه فله القيمة كما في جامع الفصولين (قوله لم يمتنع الفسخ)؛ لأن البيع فيهما ليس بلازم ولم يدخل المبيع في ملك المشتري في صورة الخيار ط. [تنبيه] عبر في الوقاية بقوله فإن خرج عن ملك المشتري، وهو أحسن من قول المصنف فإن باعه؛ لأنه يستغنى به عما ذكره بعده (قوله كما علمت) من قول المصنف وكل مبيع فاسد ط (قوله وفساده) أي فساد البيع الأول (قوله ينقض كل تصرفات المشتري) أي التي يمكن نقضها، بخلاف ما لا يمكن كالإعتاق فإنه يتعين فيه أخذ القيمة من المكره بالكسر فافهم. (قوله وسلم) قال في البحر: شرط في الهداية التسليم في الهبة؛ لأنها لا تفيد الملك إلا به بخلاف البيع (قوله أو استولدها) أفاد أنه لا يلزم مع القيمة العقر، وقيل عليه عقرها أيضا جامع الفصولين. قال ط: وظاهره: أي ظاهر ما في المتن أن المراد استيلاد حادث، فلو كانت زوجته أولا استولدها ثم اشتراها فاسدا وقبضها هل يكون كذلك لملكه إياها فليحرر. ا هـ. قلت: الظاهر بقاء الفسخ؛ لأنه حق الشرع ولم يعرض عليه تصرف حادث يمنعه. [تنبيه] نقل في النهر عن السراج أن التدبير كالاستيلاد، ومثله في القهستاني، ولم يره في البحر منقولا فذكره بحثا (قوله بعد قبضه) الأولى ذكره آخر المسائل ط (قوله فلو قبله لم يعتق بعتقه) تخصيصه التفريع على العتق يوهم أن قوله بعد قبضه متعلق بقوله أو أعتقه فقط وليس كذلك، فكان الأظهر أن يقول فلو قبله لم تنفذ تصرفاته المذكورة إلا إذا أعتقه البائع بأمر المشتري (قوله وكذا لو أمره إلخ) وفي جامع الفصولين: ولو برا فخلطه البائع بطعام المشتري بأمره قبل قبضه صار قابضا وعليه مثله بحر (قوله فيصير المشتري قابضا اقتضاء) ما يقدر لتصحيح الكلام كأعتق عبدك عني بألف فإنه يقتضي سبق البيع ليصح العتق عن الآمر، وهنا كذلك، فإن صحة تصرف البائع عن المشتري تقتضي أن يقدر القبض سابقا عليه ولهذا قال في المنح عن الفصول العمادية، وإنما كان كذلك؛ لأنه لما أمر البائع بالعتق فقط طلب أن يسلطه على القبض، وإذا أعتق البائع بأمره صار المشتري قابضا قبضا سابقا عليه ا هـ. فافهم. مطلب يملك المأمور ما لا يملكه الآمر (قوله ما لا يملكه الآمر) فإن الآمر وهو المشتري لا يصح إعتاقه بنفسه، ولا يجوز له الطحن والذبح، لكن الظاهر أن المأمور وهو البائع وهو البائع في مسألة الطحن والذبح لا يجوز له أيضا؛ لأن الواجب عليه الفسخ رفعا للمعصية كما مر، وفي فعله ذلك تقريرها، فقد استوى الآمر والمأمور في ذلك ولذلك ذكر في البحر مسألة الأمر بالعتق فقط. ثم قال: وهذه عجيبة حيث ملك المأمور ما لم يملك الآمر ا هـ. والظاهر أن البائع يأثم بالعتق أيضا لما قلنا، ولكن الذي ملكه هو دون الآمر وإنما هو نفاذ العتق مع قطع النظر عن الإثم وعدمه كما في باقي تصرفات المشتري بعد القبض هذا ما ظهر لي فتدبر.ه. [تنبيه] لهذه المسألة نظير يملك المأمور فيه ما لا يملكه الآمر، وهو ما مر في قول المتن أو أمر المسلم ببيع خمر أو خنزير أو شرائهما - ذميا، أو أمر المحرم غيره ببيع صيده (قوله وما في الخانية إلخ) أي حيث جعل العتق عن البائع والدقيق والشاة له أيضا؛ ومثله في البزازية أيضا (قوله كما بسطه العمادي) وأقره في جامع الفصولين (قوله وقفا صحيحا) فلو فاسدا كأن اشترط فيه بيعه عند الحاجة لا يمنع الفسخ ط (قوله وأخرجه عن ملكه) عطف لازم على قوله وقفه (قوله وما في جامع الفصولين) حيث قال: ولو وقفه أو جعله مسجدا لا يبطل حق الفسخ ما لم يبن. ا هـ. ح أي فالمانع من الفسخ هو البناء (قوله غير صحيح) حمله في النهر على إحدى روايتين، وهو أولى من التغليط ح، وحمله في البحر على ما إذا لم يقض به، أما إذا قضى به فإنه يرتفع الفساد للزومه. قلت: لكن المسجد يلزم بدون القضاء اتفاقا فافهم. (قوله أو رهنه) أي وسلمه؛ لأن الرهن لا يلزم بدونه (قوله أو أوصى به) أي ثم مات؛ لأنه ينتقل من ملكه إلى ملك الموصى له وهو ملك مبتدأ فصار كما لو باعه منح (قوله أو تصدق به) أي وسلمه؛ لأنه لا يخرج عن ملك المتصدق بدون تسليم (قوله نفذ البيع الفاسد) أي لزم وإلا فالأصل أن النافذ ما قابل الموقوف واللازم ما لا خيار فيه، وهذا فيه خيار الفساد، وبهذه التصرفات لزم تأمل. ثم إن الشارح تبع المصنف حيث جعل فاعل نفذ هو البيع الفاسد، والمفهوم من الهداية أن الفاعل ضمير يعود إلى ما ذكر من التصرفات. وقال في الفتح: فإذا أعتقه أو باعه أو وهبه وسلمه فهو جائز وعليه القيمة لما ذكرنا من أنه ملكه بالقبض فتنفذ تصرفاته فيه، وإنما وجبت القيمة؛ لأنه انقطع حق الاسترداد لتعلق حق العبد به، والاسترداد حق الشرع وحق العبد مقدم لفقره فقد فوت المكنة بتأخير التوبة. ا هـ. ملخصا: أي أن الواجب عليه كان هو التوبة بالفسخ والاسترداد وبتأخيره إلى وجود هذه التصرفات التي تعلق بها حق عبد يكون قد فوت مكنته من الاسترداد فتعين لزوم القيمة، ومقتضاه أن المعصية تقررت عليه فلا يخرج عن عهدتها إلا بالتوبة وإن الفسخ قبل هذه التصرفات توبة كما يشير إليه قوله الشارح رفعا للمعصية (قوله إلا في أربع إلخ) عبارة الأشباه: العقد الفاسد إذا تعلق به حق عبد لزم وارتفع الفساد إلا في مسائل: أجر فاسدا فأجر المستأجر صحيحا فللأول نقضها المشتري من المكره لو باع صحيحا فللمكره نقضه المشتري فاسدا إذا أجر فللبائع نقضه، وكذا إذا زوج ا هـ. وأنت خبير بأن كلام المتن في تصرف المشتري فاسدا فلا يصح استثناء الأولى لعدم دخولها وكذا الثانية لاحتراز المتن عنها، والصورة الثالثة والرابعة ذكرهما الشارح حيث قال غير إجارة ونكاح ا هـ. ح. قلت: والضمائر في نقضه للعقد الأول بقرينة الاستثناء، وعليه فقوله وكذا إذا زوج: أي يكون للبائع نقض البيع لا التزويج، فلا ينافي في ما يأتي تحريره (قوله وكذا كل تصرف قولي) عطف على قوله في جميع ما مر وأراد به نحو التدبير، وما لو جعله مهرا أو بدل صلح أو إجارة أو غير ذلك مما يخرجه من ملكه كما تفيده عبارة النقاية التي نقلناها عند قوله فإن باعه (قوله غير إجارة ونكاح) أي فلا يمنعان الفسخ؛ لأن الإجارة تفسخ بالأعذار ورفع الفساد من الأعذار والنكاح ليس فيه إخراج عن الملك بحر (قوله وهل يبطل نكاح الأمة) لما ذكر أن النكاح لا يمنع البائع من فسخ البيع أراد أن يبين أنه هل ينفسخ النكاح الذي عقده المشتري كما تنفسخ الإجارة أم لا؟ (قوله المختار نعم ولوالجية) مخالف لما صرح به في الفتح من عدم الانفساخ، وكذا في الزيلعي وغاية البيان عن التحفة. وقال في المجتبى إلا الإجارة وتزويج الأمة، لكن الإجارة تنفسخ بالاسترداد دون النكاح. وفي التتارخانية عن نوادر ابن سماعة: لو فسخ البيع للفساد وأخذ البائع الجارية مع نقصان التزويج ثم طلقها الزوج قبل الدخول رد البائع على المشتري ما أخذه من النقصان. وفي السراج لا ينفسخ النكاح؛ لأنه لا ينفسخ بالأعذار وقد عقده المشتري وهي على ملكه. وقد نقل في البحر عبارة السراج. ثم قال: ويشكل عليه ما ذكره الولوالجي في الفصل الأول من كتاب النكاح: لو زوج الجارية المبيعة ثم قبضها وانتقض البيع فإن النكاح يبطل في قول أبي يوسف وهو المختار؛ لأن البيع متى انتقض قبل القبض انتقض من الأصل الولوالجية فصار كأنه لم يكن فكان النكاح باطلا. ا هـ. إلا أن يحمل ما في السراج على قول محمد أو يظهر بينهما فرق. ا هـ. ما في البحر، وتبعه في النهر والمنح، وكتبت فيما علقته على البحر أن الفرق موجود؛ لأن كلام الولوالجي فيما قبل القبض، وكلام السراج فيما بعد القبض المفيد للملك ثم رأيت ط نبه على ذلك الفرق، وكذلك نبه عليه الخير الرملي في حاشية المنح حيث قال العجب من ذلك مع أن ما في السراج فيما عقد بعد القبض، وما في الولوالجية قبل القبض كما هو صريح كل من العبارتين فكيف يستشكل بإحداهما على الأخرى، ولئن كان كلام السراج في البيع الفاسد وكلام الولوالجي في مطلق البيع، فقد تقرر أن فاسد البيع كجائزه في الأحكام فتأمل. ا هـ. قلت: ويكفينا ما أسمعناك نقله عن كتب المذهب، على أن الظاهر أن كلام الولوالجية لا يمكن حمله على مطلق البيع بل مراده البيع الفاسد؛ لأن البيع الصحيح صورة إما أن ينتقض بالاستحقاق أو بالخيار أو بهلاك المبيع قبل قبضه، ولا فرق في الأولين بين ما قبل القبض وما بعده لعدم الملك أصلا فتخصيصه الحكم بما قبل القبض دليل على أنه أراد البيع الفاسد، فإذا زوجها المشتري قبل القبض ثم فسخ العقد يظهر بطلان النكاح لكونه قبل الملك، بخلاف ما إذا زوجها بعده؛ لأنه زوجها وهي في ملكه فلا ينفسخ النكاح بفسخ البيع. وأما إذا ماتت الجارية قبل قبضها في يد البائع فقد صرح في متفرقات بيوع البحر عن الفتح بأنه لا يبطل النكاح وإن بطل البيع (قوله كرجوع هبة) أي رجوع واهب في هبته بقضاء أو بدونه كما في البحر عن الفتح (قوله عاد حق الفسخ)؛ لأن هذه العقود لم توجب الفسخ من كل وجه في حق الكل فصولين. وكذا لو فسخ البيع بعيب بعد قبضه بقضاء فللبائع حق الفسخ لو لم يقض بقيمته لزوال المانع، ولو رد بعيب بلا قضاء لا يعود حق الفسخ، كما لو اشتراه ثانيا بحر؛ لأن رده بلا قضاء عقد جديد في حق ثالث (قوله لا بعده) أي لو زال المانع بعد القضاء بالقيمة على المشتري لا يعود حق الفسخ؛ لأن القاضي أبطل حق البائع في العين، ونقله إلى القيمة بإذن الشرع فلا يعود حقه إلى العين، وإن ارتفع السبب، كما لو قضى على الغاصب بقيمة المغصوب بسبب الإباق ثم عاد العبد ذخيرة، ومراده بالقيمة ما يعم المثل (قوله بموت أحدهما) وكذا بالإجارة والرهن كما علمته (قوله حتى يرد ثمنه) أي ما قبضه البائع من ثمن أو قيمة كما في الفتح (قوله المنقود)؛ لأن المبيع مقابل به فيصير محبوسا به كالرهن فتح، والمراد بالمنقود المقبوض احترازا عن الدين (قوله بخلاف ما لو شرى) أي بخلاف غير المنقود كما لو شرى إلخ (قوله كإجارة ورهن) أي فاسدين. ا هـ. ح. وقوله وعقد صحيح قيل صوابه بخلاف عقد صحيح لما في النهر أما إذا لم يكن الثمن منقودا، كما إذا اشترى من مدينه عبدا بدين سابق شراء فاسدا وقبضه بالإذن فأراد البائع أخذه بحكم الفساد ليس للمشتري حبسه لاستيفاء ما له عليه من الدين والإجارة الفاسدة، وكذا الرهن الفاسد على هذا بخلاف ما إذا كان العقد صحيحا في الأبواب الثلاثة ا هـ. قلت هذا بناء على ما فهمه المعترض وهو غير متعين؛ لأنه يمكن حمل كلام الشارح على وجه صحيح، وهو أن قوله كإجارة ورهن راجع لأصل المسألة، وهو قوله لا يأخذه حتى يرد الثمن المنقود فيكون المراد ما إذا كان بدل الإجارة والرهن منقودين. قال في البحر: أشار المؤلف إلى أنه لو استأجر إجارة فاسدة ونقد الأجرة أو ارتهن رهنا فاسدا أو أقرض قرضا فاسدا وأخذ به رهنا كان له أن يحبس ما استأجره، وما ارتهن حتى يقبض ما نقد اعتبارا بالعقد الجائز إذا تفاسخا. ا هـ. ونحوه في الفتح، وعليه فقوله وعقد صحيح قصد بذكره أن هذه العقود مثله إذا كان البدل فيها منقودا فإنه إذا كان منقودا لا فرق بين العقد الصحيح والفاسد في ثبوت حق الحبس بعد الفسخ في الكل، بل الفرق بينهما في غير المنقود. قال في جامع الفصولين برمز الخانية: شرى من مديونه فاسدا ففسخ ليس له حبس المبيع لاستيفاء دينه، وكذا لو آجر من دائنه إجارة فاسدة، ولو كان عقد البيع أو الإجارة جائزا فله الحبس لدينه. ا هـ. فأفاد أن له الحبس في العقد الجائز إذا كان البدل غير دين بالأولى فافهم (قوله والفرق في الكافي) أي الفرق بين الفاسد والصحيح إذا كان البدل غير منقود حيث يملك الجنس في الصحيح دون الفاسد وهو ما ذكره في كافي النسفي. وحاصله أنه لما وجب للمدين على المشتري مثل الدين صار الثمن قصاصا لاستوائهما قدرا ووصفا فاعتبر بما لو استوفيا حقيقة فكان له حق الحبس، وفي الفساد لم يملك الثمن بل تجب قيمة المبيع عند القبض وهي قبله غير مقررة لاحتمالها السقوط بالفسخ ودين المشتري مقرر، والمقاصة إنما تكون عند الاستواء وصفا فلم يكن له حق الحبس. ا هـ. (قوله فإن مات أحدهما) عبارة الزيلعي: فإن مات البائع وهي أنسب لقول المصنف فالمشتري أحق (قوله والمستقرض) بأن استقرض قرضا فاسدا وأعطى به رهنا بحر (قوله فاسدا) حال من الكل، وفيه وصف العاقد بصفة عقده مجازا؛ لأنه محله (قوله بعد الفسخ) نص على المتوهم فإن الحكم كذلك قبل الفسخ بالأولى ط (قوله فالمشتري ونحوه) أي المستأجر والمقرض والمرتهن. وحاصله أن الحي الذي بيده عين المبيع أو المستأجر أو الراهن أحق بما في يده من العين من غرماء الآخر الميت حتى يقبض ما نقد قال في الفتح؛ لأنه مقدم عليه قال في حياته، فكذا على ورثته وغرمائه بعد وفاته، إلا أن الرهن مضمون بقدر الدين والمشتري بقدر ما أعطى، فما فضل فللغرماء ا هـ. قال الرحمتي: لكن سيأتي في كتاب الإجارة أن الراهن فاسدا أسوة الغرماء؛ وسيأتي آخر الرهن مثل ما هنا ووفقنا بأن ما هنا وما يأتي في الرهن إذا كان الرهن سابقا على الدين، وما في الإجارة إذا كان الدين متقدما على الرهن. ا هـ. وسيأتي توضيحه في آخر الرهن إن شاء الله تعالى. [تنبيه] لم يذكر ما إذا مات المشتري فاسدا: وفي الخلاصة والبزازية: ولو مات المشتري فالبائع أحق من سائر الغرماء بماليته، فإن زاد شيء فهو للغرماء. ا هـ. ومعناه أنه لو اشترى عبدا فاسدا وتقابضا ثم مات المشتري وعليه ديون وفسخ البائع البيع مع الورثة فالبائع أحق بمالية العبد وهي ما قبضه من المشتري حتى يسترد العبد المبيع، كما لو مات البائع فإن كانت قيمة العبد أكثر مما قبض فالزائد للغرماء، هذا ما ظهر لي فتأمل.ه. (قوله بل قبل تجهيزه) أي تجهيز البائع أو المؤجر وما بعده، بمعنى أنه لو مات وكان المبيع ثوبا مثلا احتيج لتكفينه به فللمشتري حبسه حتى يأخذ ماله: قال ط: والأولى أن يقول بل من تجهيزه. مطلب في تعيين الدراهم في العقد الفاسد (قوله بناء على تعين الدراهم) المراد بها ما يشمل الدنانير. وفي الأشباه: النقد لا يتعين في المعاوضات، وفي تعيينه في العقد الفاسد روايتان، ورجح بعضهم تفصيلا بأن ما فسد من أصله أي كما لو ظهر المبيع حرا أو أم ولد يتعين فيه لا فيما انتقض بعد صحته: أي كما لو هلك المبيع قبل التسليم والصحيح تعينه في الصرف بعد فساده وبعد هلاك المبيع، وفي الدين المشترك فيؤمر برد نصف ما قبض على شريكه، وفيما إذا تبين بطلان القضاء، فلو ادعى على آخر مالا وأخذه ثم أقر أنه لم يكن له على خصمه حق فعلى المدعي رد عين ما قبض ما دام قائما، ولا تعيين في المهر ولو بعد الطلاق قبل الدخول فترد مثل نصفه ولذا لزمها زكاته لو نصابا حوليا عندها ولا في النذر والوكالة قبل التسليم؛ وأما بعده فالعامة كذلك وتتعين الأمانات والهبة والصدقة والشركة والمضاربة والغصب، وتمامه في جامع الفصولين ا هـ. (قول المصنف وطاب للبائع ما ربح لا للمشتري) صورة المسألة ما ذكره محمد في الجامع الصغير: اشترى من رجل جارية بيعا فاسدا بألف درهم وتقابضا وربح كل منهما فيما قبض يتصدق الذي قبض الجارية بالربح ويطيب الربح للذي قبض الدراهم ا هـ. وقول الشارح وإنما طاب إلخ أورده في صورة جواب عما استشكله صدر الشريعة وصاحب العناية والفتح والدرر والبحر والمنح وغيرهم، من أن المذكور في المتون من أن الربح يطيب للبائع في الثمن النقد هو الموافق للرواية المنصوصة في الجامع الصغير، وهو صريح في أن الدراهم لا تتعين في البيع الفاسد فيناقض قولهم إن تعينها فيه هو الأصح فإنه يقتضي أن الأصح أنه لا يطيب الربح للبائع فيما قبض. وقد أجاب العلامة سعدي جلبي في حاشية العناية بما أشار إليه الشارح وهو أنه يطيب على كل من القولين؛ لأن عدم التعيين إنما هو في العقد الثاني الصحيح لا في العقد الأول الفاسد ا هـ. وبيانه أنه إذا باع فاسدا وقبض دراهم الثمن ثم فسخ العقد يجب رد تلك الدراهم بعينها على المشتري؛ لأن الأصح تعينها في البيع الفاسد؛ فلو اشترى بها عبدا مثلا شراء صحيحا طاب له ما ربح؛ لأنها لا تتعين في هذا العقد الثاني لكونه عقدا صحيحا، حتى لو أشار إليها وقت العقد له دفع غيرها فعدم تعينها في هذا العقد الصحيح لا ينافي كون الأصح تعينها في العقد الفاسد. وقد أجاب العلامة الخير الرملي بمثل ما أجاب العلامة سعدي قبل اطلاعه عليه وقال إني في عجب عجيب من فهم هؤلاء الأجلاء التناقض من مثل هذا مع ظهوره. (قوله لا على الرواية الصحيحة) أي القائلة بعدم تعين الدراهم في العقد الفاسد. ا هـ. ح (قوله في بيع يتعين بالتعين) أراد بالبيع المبيع، وأشار بقوله يتعين بالتعين كالعبد مثلا إلى وجه الفرق بين طيب الربح للبائع لا للمشتري، وهو أن ما يتعين بالتعين يتعلق العقد به فتمكن الخبث فيه، والنقد لا يتعين في عقود المعاوضة، فلم يتعلق العقد الثاني بعينه، فلم يتمكن الخبث فلا يجب التصدق كما في الهداية، وإنما لم يتعين النقد؛ لأن ثمن المبيع يثبت في الذمة، بخلاف نفس المبيع؛ لأن العقد يتعلق بعينه، ومفاد هذا الفرق أنه لو كان بيع مقابضة لا يطيب الربح لهما؛ لأن كلا من البدلين مبيع من وجه ولو كان عقد صرف يطيب لهما، لكن قدمنا آنفا عن الأشباه أن الصحيح تعينه في الصرف بعد فساده وفي شرح البيري عن الخلاطي أنه الصحيح المذكور في عامة الروايات ا هـ. فافهم. (قوله بأن باعه بأزيد) تصوير لظهور الربح فلا يطيب له ذلك الزائد عما اشترى به، وأفاد أن ذلك في أول عقد. وأما إذا أخذ الثمن واتجر وربح بعده أيضا يطيب له لعدم التعين في العقد الثاني كما نبه عليه ط، وهو ظاهر مما مر (قوله كما طاب إلخ) صورته ما في الجامع الصغير أيضا: لو ادعى على آخر مالا فقضاه ثم تصادقا على أنه لم يكن له عليه شيء وقد ربح المدعي في الدراهم التي قبضها على أنها دينه يطيب له الربح؛ لأن الدين وجب بالإقرار عند الدعوى ثم استحق بالتصادق وكان المقبوض بدل المستحق وهو الدين، وبدل المستحق مملوك ملكا فاسدا بدليل أن من اشترى عبدا بجارية أو ثوب ثم أعتق العبد واستحقت الجارية يصح عتق العبد، فلو لم يكن بدل المستحق مملوكا لم يصح العتق إذ لا عتق في غير الملك، وتمامه في الفتح (قوله؛ لأن بدل المستحق مملوكا) كذا فيما رأيته في عدة نسخ بنصب مملوكا، وهو كذلك في بعض نسخ النهر: وفي بعضها بالرفع وهو الصواب على اللغة المشهورة في رفع خبر إن (قوله فيما يتعين) كالعروض لا فيما لا يتعين كالنقود، ومر بيانه (قوله كالغصب) وكالوديعة، فإذا تصرف الغاصب أو المودع في العرض أو النقد يتصدق بالربح لتعلق العقد بمال غيره، وتمامه في الدرر. (قوله وقال الكمال إلخ) تقييد لما في المتن (قوله لا يملكه أصلا)؛ لأنه متيقن أنه لا ملك له فيه فتح: أي فلا يطيب له ما ربح مطلقا سواء تعين أو لا (قوله وقواه في النهر) بتصريحهم في الإقرار بأن المقر له إذا كان يعلم أن المقر كاذب في إقراره لا يحل له أخذه عن كره منه، أما لو اشتبه الأمر عليه حل له الأخذ عند محمد خلافا لأبي يوسف، وحينئذ لا يطيب له ربحه، ويحمل الكلام هاهنا على ما إذا ظن أن عليه دينا بالإرث من أبيه ثم تبين أن وكيله أوفاه لأبيه فتصادقا على أن لا دين فحينئذ يطيب له، وهذا فقه حسن فتدبر.ه. ا هـ. ونقله عنه الرملي وأقره، وبه اندفع ما في البحر من أن ظاهر إطلاقهم خلاف ما في الفتح (قوله الحرام ينتقل) أي تنتقل حرمته وإن تداولته الأيدي وتبدلت الأملاك، ويأتي تمامه قريبا (قوله ولا للمشتري منه) فيكون بشرائه منه مسيئا؛ لأنه ملكه بكسب خبيث، وفي شرائه تقرير للخبث، ويؤمر بما كان يؤمر به البائع من رده على الحربي؛ لأن وجوب الرد على البائع إنما كان لمراعاة ملك الحربي ولأجل غدر الأمان، وهذا المعنى قائم في ملك المشتري كما في ملك البائع الذي أخرجه، بخلاف المشتري شراء فاسدا إذا باعه من غيره بيعا صحيحا فإن الثاني لا يؤمر بالرد، وإن كان البائع مأمورا به لأن الموجب للرد قد زال ببيعه؛ لأن وجوب الرد بفساد البيع حكمه مقصود على ملك المشتري وقد زال ملكه بالبيع من غيره، كذا في شرح السير الكبير للسرخسي من الباب الخامس بعد المائة. مطلب البيع الفاسد لا يطيب له ويطيب للمشتري منه (قوله ويطيب للمشتري منه لصحة عقده) فيه أن عقد المشتري في المسألة الأولى صحيح أيضا، وقد ذكر هذا الحكم في البحر معزيا للإسبيجابي بدون هذا التعليل، فكان المناسب إسقاطه. ثم اعلم أنه ذكر في شرح السير الكبير في الباب الثاني والستين بعد المائة أنه إن لم يرده يكره للمسلمين شراؤه منه؛ لأنه ملك خبيث بمنزلة المشتري فاسدا إذا أراد بيع المشترى بعد القبض يكره شراؤه منه وإن نفذ فيه بيعه وعتقه؛ لأنه ملك حصل له بسبب حرام شرعا. ا هـ. فهذا مخالف لقوله ويطيب للمشتري وقد يجاب بأن ما أخرجه من دار الحرب لما وجب على المشتري رده على الحربي لبقاء المعنى الموجب على البائع رده تمكن الخبث فيه فلم يطب للمشتري أيضا كالبائع، بخلاف البيع الفاسد فإن رده واجب على البائع قبل البيع لا على المشتري لعدم بقاء المعنى الموجب للرد كما قدمنا فلم يتمكن الخبث فيه فلذا طاب للمشتري، وهذا لا ينافي أن نفس الشراء مكروه لحصوله للبائع بسبب حرام؛ ولأن فيه إعراضا عن الفسخ الواجب، هذا ما ظهر لي. مطلب الحرمة تتعدد (قوله الحرمة تتعدد إلخ) نقل الحموي عن سيدي عبد الوهاب الشعراني أنه قال في كتابه المنن: وما نقل عن بعض الحنيفة من أن الحرام لا يتعدى ذمتين، سألت عنه الشهاب ابن الشلبي فقال: هو محمول على ما إذا لم يعلم بذلك، أما لو رأى المكاس مثلا يأخذ من أحد شيئا من المكس ثم يعطيه آخر ثم يأخذ من ذلك الآخر آخر فهو حرام ا هـ. مطلب فيمن ورث مالا حراما (قوله إلا في حق الوارث إلخ) أي فإنه إذا علم أن كسب مورثه حرام يحل له، لكن إذا علم المالك بعينه فلا شك في حرمته ووجوب رده عليه، وهذا معنى قوله وقيده في الظهيرية إلخ، وفي منية المفتي: مات رجل ويعلم الوارث أن أباه كان يكسب من حيث لا يحل ولكن لا يعلم الطلب بعينه ليرد عليه حل له الإرث والأفضل أن يتورع ويتصدق بنية خصماء أبيه. ا هـ. وكذا لا يحل إذا علم عين الغصب مثلا وإن لم يعلم مالكه، لما في البزازية أخذه مورثه رشوة أو ظلما، إن علم ذلك بعينه لا يحل له أخذه، وإلا فله أخذه حكما أما في الديانة فيتصدق به بنية إرضاء الخصماء ا هـ. والحاصل أنه إن علم أرباب الأموال وجب رده عليهم، وإلا فإن علم عين الحرام لا يحل له ويتصدق به بنية صاحبه، وإن كان مالا مختلطا مجتمعا من الحرام ولا يعلم أربابه ولا شيئا منه بعينه حل له حكما، والأحسن ديانة التنزه عنه ففي الذخيرة: سئل الفقيه أبو جعفر عمن اكتسب ماله من أمراء السلطان ومن الغرامات المحرمات وغير ذلك هل يحل لمن عرف ذلك أن يأكل من طعامه؟ قال أحب إلي في دينه أن لا يأكل ويسعه حكما إن لم يكن ذلك الطعام غصبا أو رشوة وفي الخانية: امرأة زوجها في أرض الجور، وإن أكلت من طعامه ولم يكن عين ذلك الطعام غصبا فهي في سعة من أكله وكذا لو اشترى طعاما أو كسوة من مال أصله ليس بطيب فهي في سعة من تناوله والإثم على الزوج. ا هـ. (قوله وسنحققه ثمة) أي في كتاب الحظر والإباحة. قال هناك بعد ذكره ما هنا لكن في المجتبى: مات وكسبه حرام فالميراث حلال، ثم رمز وقال: لا نأخذ بهذه الرواية، وهو حرام مطلقا على الورثة فتنبه. ا هـ. ح، ومفاده الحرمة وإن لم يعلم أربابه وينبغي تقييده بما إذا كان عين الحرام ليوافق ما نقلناه، إذ لو اختلط بحيث لا يتميز يملكه ملكا خبيثا، لكن لا يحل له التصرف فيه ما لم يؤد بدله كما حققناه قبيل باب زكاة المال فتأمل. مطلب في أحكام زيادة المبيع فاسدا (قوله بنى أو غرس فيما اشتراه فاسدا) وكذا لو شرى فاسدا قاضبان نخل فغرسه وأطعم وإن شراه مطعما فغرسه فكذلك عنده وعند الثاني يقلعه إن لم يضر الأرض ذخيرة (قوله لزمه قيمتهما) أي قيمة الدار والأرض منح والأولى إفراد الضمير؛ لأن العطف بأو، وعلله الكرخي في مختصره بأن البناء استهلاك عند الإمام: أي ومثله الغرس؛ لأن البناء والغرس يقصد بهما الدوام وقد حصلا بتسليط من البائع فينقطع بهما حق الاسترداد كالبيع (قوله ورجحه) حيث قال وقولهما أوجه، وكون البناء يقصد للدوام يمنع الاتفاق في الإجارة على إيجاب القلع، فظهر أنه قد يراد للبقاء وقد لا، فإن قال: إن المستأجر يعلم أنه يكلف القلع ففعله مع ذلك دليل على أنه لم يرد البقاء قلنا المشتري فاسدا أيضا يكلف القلع عندنا. ا هـ. (قوله وتعقبه في النهر إلخ) حيث قال: أقول: البناء الحاصل بتسليط البائع إنما يقصد به الدوام، بخلاف الإجارة، وبهذا عرف أن محط الاستدلال إنما هو التسليط من البائع، وكل ما هو كذلك ينقطع به حق الاسترداد ا هـ. قلت: وفيه أن المؤجر أيضا سلط المستأجر على الانتفاع بأرضه والمستأجر يملك البناء، فالأحسن الجواب بالفرق بين التسليطين بأن البائع سلطه على المبيع على وجه قد ينقطع به حق الاسترداد، بأن يخرجه عن ملكه ببيع ونحوه أو بأن يفعل فيه ما يقصد به الدوام لجواز أن لا يطلب البائع الفسخ قبله، بخلاف المؤجر فإنه إنما سلطه وفي وقت خاص وإما كون الفسخ حقا للشرع فلا يبطل بتسليط البائع فينقض بأنه قد بطل بإخراجه عن ملكه ببيع ونحوه وهو بتسليط البائع فكذا هنا تقديما لحق العبد لفقره، وكون البيع ونحوه تعلق به حق الغير فيقدم: وهنا تعلق به حق العاقد العاصي فلا يقدم قد يمنع بأن العاصي لم يبطل الشرع حقه كمن غصب حجرا وجعله أس حائطه يضمن قيمته ولا يكلف بنقض الحائط فافهم. (قوله وكذا) أي ومثل البناء والغرس في امتناع الفسخ كل زيادة متصلة بالمبيع غير متولدة منه (قوله وجارية علقت منه) جعله من الزيادة الغير المتولدة نظرا لماء الرجل ط (قوله فلو منفصلة كولد إلخ) أي بأن ولدت من غير المشتري. وفي الجوهرة: لو كانت الزيادة متصلة غير متولدة كالصبغ والخياطة انقطع حق الفسخ، وإن كانت متولدة أي كالسمن لا تمنع الفسخ وكذا منفصلة متولدة كالولد والعقر والأرش، ولو هلكت هذه الزوائد في يد المشتري لا يضمنها، وإن استهلكها ضمن، وإن هلك المبيع فقط فللبائع أخذها وأخذ قيمة المبيع يوم القبض، وإن كانت منفصلة غير متولدة كالكسب والهبة فللبائع أخذ المبيع معها ولا تطيب له ويتصدق بها، وإن هلكت في يد المشتري لا يضمن، وكذا لو استهلكها عنده. وعندهما يضمن، وإن استهلك المبيع فقط ضمنه والزوائد له لتقرر ضمان الأصل. ا هـ. ملخصا. وبه علم أن الزيادة بأقسامها الأربع لا تمنع الفسخ إلا المتصلة الغير المتولدة، أما المتصلة المتولدة كالسمن والمنفصلة المتولدة كالولد والغير المتولدة كالكسب فإنها لا تمنع الفسخ، وأنه يضمن المنفصلة المتولدة بالاستهلاك لا بالهلاك، وكذا غير المتولدة عندهما لا عنده، وهذا التقرير أيضا موافق لما في البحر عن جامع الفصولين (قوله سوى منفصلة غير متولدة) أي كالكسب، وهذا استثناء من قوله ويضمنها باستهلاكها فإن هذه لا تضمن بالاستهلاك عند الإمام كما علمته. مطلب أحكام نقصان المبيع فاسدا (قوله لو نقص إلخ) شروع في حكم نقصان المبيع فاسدا بعد بيان زيادته (قوله أخذه البائع مع الأرش) أي أرش النقصان، ويجبر على ذلك لو أراده المشتري، لما في جامع الفصولين: لو قطع ثوبا شراه فاسدا ولم يخطه حتى أودعه عند بائعه يضمن نقص القطع لا قيمته لوصوله إلى ربه إلا قدر نقصه فوقع عن الرد المستحق. قال: هذا التعليل إشارة إلى أن المبيع فاسدا إذا نقص في يد المشتري لا يبطل حقه في الرد، إذ لو بطل لما كان الرد مستحقا عليه. ا هـ. فهو كما ترى ناطق بما قلنا رملي. [تنبيه] لو زال العيب رجع المشتري على البائع بالأرش الذي دفعه إليه، كما لو ابيضت عين الجارية في يد المشتري فاسدا وردها مع نصف القيمة ثم ذهب البياض فعلى البائع رد الأرش كما في التتارخانية، ومثله ما قدمناه عنها فيما لو زوج المشتري الأمة ثم فسخ البيع وأخذ البائع نقصان التزويج ثم طلقها الزوج قبل الدخول بها رجع المشتري على البائع بما أخذ (قوله صار مستردا) حتى لو هلك عند المشتري ولم يوجد منه حبس عن البائع هلك على البائع جامع الفصولين قوله خير البائع) إن شاء أخذه من المشتري، وهو يرجع على الجاني، وإن شاء أتبع الجاني وهو لا يرجع على المشتري جامع الفصولين. (قوله وكره تحريما مع الصحة) أشار إلى وجه تأخير المكروه عن الفاسد مع اشتراكهما في حكم المنع الشرعي والإثم، وذلك أنه دونه من حيث صحته وعدم فساده؛ لأن النهي باعتبار معنى مجاور للبيع لا في صلبه ولا في شرائط صحته، ومثل هذا النهي لا يوجب الفساد بل الكراهية كما في الدرر. وفيها أيضا أنه لا يجب فسخه ويملك المبيع قبل القبض ويجب الثمن لا القيمة. ا هـ. لكن في النهر عن النهاية أن فسخه واجب على كل منهما أيضا صونا لهما عن المحظور، وعليه مشى الشارح في آخر الباب، ويأتي تمامه (قوله عند الأذان الأول) وهو الذي يجب السعي عنده (قوله إلا إذا تبايعا يمشيان إلخ) قال الزيلعي: هذا مشكل، فإن الله تعالى قد نهى عن البيع مطلقا، فمن أطلقه في بعض الوجوه يكون تخصيصا وهو نسخ، فلا يجوز بالرأي شرنبلالية. والجواب ما أشار إليه الشارح من أن النص معلل بالإخلال بالسعي ومخصص، لكن ما مشى عليه الشارح هنا مشى على خلافه في الجمعة تبعا للبحر والزيلعي (قوله وقد خص منه إلخ) جواب ثان: أي والعام إذا دخله التخصيص صار ظنيا فيجوز تخصيصه ثانيا بالرأي: أي بالاجتهاد، وبه اندفع قول الزيلعي فلا يجوز أي بالرأي، قلت: وفيه نظر، فإن إشكال الزيلعي من حيث إن قوله تعالى: {وذروا البيع} مطلق عن التقييد بحالة دون حالة، فإن مفاد الآية الأمر بترك البيع عند النداء، وهو شامل لحالة المشي، والذي خص منه من لا تجب عليه الجمعة هو الواو في {فاسعوا} ولا يلزم منه تخصيص من ذكر أيضا في {وذروا البيع}؛ لأن القرآن في النظم لا يلزم منه المشاركة في الحكم كما تقرر في كتب الأصول، نظير قوله تعالى: {أقيموا الصلاة وآتوا الزكاة} فإن الخطاب عام في الموضعين، لكن خص الدليل من الأول جماعة كالمريض العاجز، ومن الثاني جماعة كالفقير مع أن المريض تلزمه الزكاة والفقير تلزمه الصلاة. والحاصل أن الدليل خص من وجوب السعي جماعة كالمريض والمسافر، ولم يرد الدليل بتخصيص هؤلاء من وجوب ترك البيع فيبقى الأمر شاملا لهم، إلا أن يعلل بترك الإخلال بالسعي فيرجع إلى الجواب الأول فلم يفد الثاني شيئا فتأمل. (قوله وكره النجش) لحديث الصحيحين: «لا تتلقى الركبان للبيع ولا يبع بعضكم على بيع بعض، ولا تناجشوا، ولا يبع حاضر لباد» فتح (قوله أو يمدحه) تفسير آخر، عبر عنه في النهر: بقيل نقلا عن القرماني في شرح المقدمة قال: وفي القاموس ما يفيده (قوله في النكاح وغيره) أي كالإجارة، وهذا ذكره المصنف في منحه (قوله لا يكره) بل ذكر القهستاني وابن الكمال عن شرح الطحاوي أنه في هذه الصورة محمود (قوله والسوم على سوم غيره) وكذا البيع على بيع غيره. ففي الصحيحين: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تلقي الركبان» إلى أن قال: «وأن يستام الرجل على سوم أخيه» وفي الصحيحين أيضا: «لا يبع الرجل على بيع أخيه، ولا يخطب على خطبة أخيه إلا أن يأذن له». وصورة السوم أن يتراضيا بثمن ويقع الركون به فيجيء آخر فيدفع للمالك أكثر أو مثله. وصورة البيع أن يتراضيا على ثمن سلعة فيقول آخر أنا أبيعك مثلها بأنقص من هذا الثمن أفاده في الفتح قال الخير الرملي: ويدخل في السوم الإجارة، إذ هي بيع المنافع (قوله بل لزيادة التنفير)؛ لأن السوم على السوم يوجب إيحاشا وإضرارا، وهو في حق الأخ أشد منعا. قال في النهر كقوله في الغيبة: «ذكرك أخاك بما يكره»، إذ لا خفاء في منع غيبة الذمي (قوله: «وقد باع عليه الصلاة والسلام قدحا وحلسا» إلخ) رواه أصحاب السنن الأربعة في حديث مطول ذكره في الفتح. وفي المصباح: الحلس كساء يجعل على ظهر البعير تحت رحله جمعه أحلاس كحمل وأحمال، والحلس بساط يبسط في البيت (قوله وتلقي الجلب) بفتحتين وهو المراد من تلقي الركبان في الحديث المار، وهذا يؤيد تفسيره بالجلب؛ لأن الركبان جمع راكب، لكن الذي في المصباح والمغرب تفسيره بالمجلوب تأمل. قال في الفتح: وللتلقي صورتان: إحداهما أن يتلقاهم المشترون للطعام منهم في سنة حاجة ليبيعوه من أهل البلد بزيادة. وثانيها أن يشتري منهم بأرخص من سعر البلد وهم لا يعلمون بالسعر (قوله للضرر والغرر) لف ونشر مرتب، فالضرر في الصورة الأولى والغرر بتلبيس السعر في الصورة الثانية. (قوله وبيع الحاضر للبادي) لحديث الصحيحين عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتلقى الركبان وأن يبيع حاضر لباد» قال: قلت لابن عباس: ما قوله حاضر لباد؟ قال: لا يكون له سمسارا فتح. والحاضر من كان من أهل الحضر خلاف البدو " فالبادي من كان من أهل البادية أي البرية، ويقال حضري وبدوي نسبة إلى الحضور والبدو (قوله في حالة قحط وعوز) القحط: انقطاع المطر. والعوز: بتحريك الواو الحاجة. قال في المصباح: عوز الشيء عوزا من باب تعب عز فلم يوجد، وعزت الشيء أعوزه من باب قال احتجت إليه فلم أجده (قوله قيل الحاضر المالك إلخ) مشى عليه في الهداية حيث قال: وهو أن يبيع من أهل البدو طمعا في الثمن الغالي لما فيه الإضرار بهم. ا هـ. أي بأهل البلد. قال الخير الرملي: ويشهد لصحة هذا التفسير ما في الفصول العمادية عن أبي يوسف: لو أن أعرابا قدموا الكوفة وأرادوا أن يمتاروا منها ويضر ذلك بأهل الكوفة قال امنعهم عن ذلك، قال: ألا ترى أن أهل البلدة يمنعون عن الشراء للحكرة فهذا أولى. ا هـ. (قوله والأصح أنهما السمسار والبائع) بأن يصير الحاضر سمسارا للبادي البائع. قال في الفتح الحلواني: هو أن يمنع السمسار الحاضر القروي من البيع ويقول له: لا تبع أنت أنا أعلم بذلك فيتوكل له ويبيع ويغالي، ولو تركه يبيع بنفسه لرخصه على الناس (قوله لموافقته آخر الحديث) والموافقة لتفسير راوي الحديث كما قدمناه عن الصحيحين (قوله: «دعوا الناس يرزق بعضهم بعضا») كذا في البحر. والذي في الفتح {دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض» ونقل الخير الرملي عن ابن حجر الهيثمي أن بعضهم: زاد «دعوا الناس في غفلاتهم» ونسبه لمسلم، قال: وهو غلط لا وجود لهذه الزيادة في مسلم، بل ولا في كتب الحديث كما قضى به سبر ما بأيدي الناس منها. ا هـ. (قوله ولذا عدي باللام لا بمن) هذا مرجح آخر للتفسير الثاني، فإن اللام في أن يبيع حاضر لباد تكون على حقيقتها وهي التعليل: أما على التفسير الأول تكون بمعنى من أو زائدة؛ لأنه يقال بعت الثوب من زيد. قال في المصباح، وربما دخلت اللام مكان من؛ يقال بعتك الشيء وبعته لك فاللام زائدة زيادتها في قوله تعالى: {وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت} والأصل بوأنا إبراهيم. (قوله لما مر) أي قريبا من قوله وقد باع عليه الصلاة والسلام إلخ (قوله ويسمى بيع الدلالة) أي بيع الدلال. قال في الفتح. وهو صفة البيع في أسواق المسمى بالبيع في الدلالة. مطلب في التفريق بين الصغير ومحرمه (قوله ولا يفرق) بالبناء للمجهول وهو أولى من قول النهر: ولا يفرق المالك؛ لأن حذف الفاعل لا يجوز إلا أن يقال إنه تفسير للضمير الراجع إلى الملك المفهوم من المقام تأمل وكما يمنع المالك عن التفريق يمنع المشتري كما يأتي، والكراهة فيه تحريمية كما في الفتح (قوله عبر بالنفي مبالغة في المنع) كذا في الفتح. ووجهه أن شأن المسلم عدم فعل المحرم شرعا فكأنه أمر لا يقع منه فلا حاجة إلى نهيه عنه (قوله عن الثاني إلخ) قال العلامة نوح في حواشي الدرر، وعن أبي يوسف روايتان: رواية لا يجوز البيع في قرابة الولاد ويجوز في قرابة غيرها، وهو الأصح في مذهب الشافعي. وفي رواية لا يجوز في الكل: أي قرابة الولاد وغيرها، وهو قول الإمام أحمد؛ لأن الأمر بالرد في الحديث لا يكون إلا للفاسد، وقال مالك: لا يجوز في الأم ويجوز في غيرها. ا هـ. وما ذكره الشارح بعيد عن هذا ط (قوله غير بالغ) أشار به إلى أن مدة منع التفريق تمتد إلى بلوغ الصغير بالاحتلام أو بالحيض، وهو قول للشافعي في أظهر قوليه إلى زمان التمييز سبع أو ثمان بالتقريب. وقال بعض مشايخنا إذا راهقا ورضيا بالتفريق فلا بأس به؛ لأنهما من أهل النظر لأنفسهما وربما يريان المصلحة في ذلك فتح (قوله وذي رحم) أطلقه فشمل ما إذا كان صغيرا أيضا أو كبيرا كما في الهداية وغيرها ولذا قال بعده بخلاف الكبيرين (قوله أي محرم من جهة الرحم) أشار إلى أن الضمير في منه راجع إلى الرحم لا إلى الصغير فلا بد أن تكون محرميته في جهة الرحم لا من الرضاع احترازا عن ابن عم هو أخ رضاعة فإنه رحم محرم لكن محرميته من الرضاع لا من الرحم، وإلى ذلك أشار بقوله فافهم. وخرج أيضا بالأولى المحرم لا من الرحم كالأخ الأجنبي رضاعا وامرأة الأب والرحم غير المحرم كابن العم (قوله وتوابعه) هي التدبير والاستيلاد والكفاية ح (قوله ولو على مال) مبالغة على الإعتاق فقط كما لا يخفى، فلو قدمه لكان أولى ا هـ. ح لكن إذا كان مما لا يخفى استوى فيه التقديم والتأخير فافهم (قوله أو ببيع ممن حلف بعتقه) أي إذا حلف بقوله إن ملكت هذا فهو حر فباعه المالك منه ليعتق لم يكره؛ لأن العتق ليس بتفريق بل فيه زيادة التمكن من الاجتماع مع محرمه (قوله أو كان المالك كافرا) ظاهرا ولو كان المشتري مسلما لكن لا يناسبه التعليل مع أنه يكره التفريق بالشراء. وفي الفتح أما إذا كان كافرا فلا يكره؛ لأنهم غير مخاطبين بالشرائع. والوجه أنه إن كان التفريق في ملتهم حلالا لا يتعرض لهم إلا إن كان بيعهم من مسلم فيمتنع على المسلم وإن كان ممتنعا في ملتهم فلا يجوز. ا هـ. وذكر قبله أنه يجوز للمسلم شراؤه من حربي مستأمن؛ لأن مفسدة التفريق عارضها أعظم منها وهو ذهابه إلى دار الحرب، وفيه مفسدة الدين والدنيا، أما الدين فظاهر، وأما الدنيا فتعريضه للقتل والسبي ا هـ. وظاهره أنه يكره للمسلم شراؤه من كافر غير حربي لعدم هذه المفسدة المعارضة، وهو موافق لما استوجهه فيما مر؛ وعلى هذا فلا وجه لما في النهر من أن المراد بالحربي الكافر، وبه ظهر أنه كان الأولى للشارح أن يقول كما في البحر: أو كان البائع حربيا مستأمنا لمسلم فإنه لا يمنع المسلم من الشراء دفعا للمفسدة (قوله أو متعددا إلخ) أي إذا كان المالك متعددا، بأن كان أحدهما لزيد والآخر لعمرو فلا بأس بالبيع وإن كان العبد الآخر لطفل المالك الأول أو لمكاتبه، إذ الشرط اجتماعهما في ملك شخص واحد. قال في البزازية: ولو أحدهما له والآخر لولده الصغير أو لمملوكه أو لمكاتبه أو مضاربه لا يكره التفريق، ولو كلاهما له فباع أحدهما من ابنه الصغير يكره ا هـ. وبقي ما إذا كانت الشركة في كل منهما معا، وظاهر القهستاني عدم الكراهة أيضا فليراجع (قوله فلا بأس) جواب لقوله ولو الآخر لطفله على أن لو شرطية لا وصلية، وإنما فصله عما قبله مصرحا بالجواب للتنبيه على أنه لا يكره وإن كان له ولاية على طفله بحيث يمكنه بيعهما معا بلا تفريق وإن كان له حق في مال مكاتبه بحيث يمكن عود الآخر إلى ملكه إذا عجز المكاتب فافهم. (قوله أو تعدد محارمه إلخ) أي محارم الصغير، كما لو كان له أخوان شقيقان مثلا أو عمان أو خالان أو أكثر فله بيع الزائد على الواحد منهم، ويبقى الواحد مع الصغير ليستأنس به. وله بيع الصغير مع واحد منهم ولا وحده. قال في الفتح: وكذا لو ملك ستة إخوة ثلاثة كبارا وثلاثة صغارا فباع مع كل صغير كبيرا جازا استحسانا (قوله غير الأقرب) حال من ما ا هـ. ح، فلو كان معه أخت شقيقة وأخت لأب وأخت لأم باع غير الشقيقة كما في الفتخ (قوله والأبوين) أي وغير الأبوين، فإذا كان معه أبواه لا يبيع واحد منهما هو الصحيح في المذهب كما في البحر عن الكفاية (قوله والملحق بهما) كأخ لأب وأخ لأم أو خال وعم، فالمدلي بقرابة الأم قام مقامها، والمدلي بالأب كالأب. وإذا كان للصغير أب وأم واجتمعوا في ملك واحد لا يفرق بين أحدهم فكذا هنا وكذا لو كان له عمة وخالة أو أم أب وأم أم لم يفرق بينه وبين أحدهما جوهرة. قلت: لكن الإلحاق بالأبوين إنما يعتبر عند عدم أحدهما، لما في الفتح: ولو كان معه أم وأخ أو أم وعمة أو خالة أو أخ جاز بيع من سوى الأم في ظاهر الرواية وهو الصحيح؛ لأن شفقة الأم تغني عمن سواها ولذا كانت أحق بالحضانة من غيرها، والجدة كالأم؛ فلو كان له جدة وعمة وخالة جاز بيع العمة والخالة، ولو كان معه عمة وخالة لم يباعوا إلا معا لاختلاف الجهة مع اتحاد الدرجة. ثم قال: ولو ادعاه رجلان فصارا أبوين له ثم ملكوا جملة فالقياس أن يباع أحدهما لاتحاد جهتهما. وفي الاستحسان، ولا يباع؛ لأن الأب في الحقيقة واحد فاحتمل كونه الذي بيع فيمتنع احتياطا، فصار الأصل أنه إذا كان معه عدد أحدهم أبعد جاز بيعه، وإن كانوا في درجة وكانوا من جنسين مختلفين كالأب والأم والخالة والعمة لا يفرق ولكن يباع الكل أو يمسك الكل، وإن كانوا من جنس واحد كالأخوين والعمين والخالين جاز أن يمسك مع الصغير أحدهما ويبيع ما سواه، ومثل الخال والعم أخ لأب وأخ لأم. ا هـ. (قوله كخروجه مستحقا) بأن ادعى رجل أحدهما أنه له وأثبته (قوله بالجناية) كأن قتل أحدهما رجلا خطأ ودفعه سيده بها (قوله وبيعه بالدين) بأن كان مأذونا واستغرقه الدين (قوله؛ لأن النظر إلخ) يعني أن المنظور إليه في منع التفريق دفع الضرر عن غيره وهو الصغير لا إلحاق الضرر به: أي بالمالك، فلو منعنا التفريق هنا كان إلزاما للضرر بالملك كذا في الفتح، أي؛ لأن المالك يتضرر بإلزامه الفداء لولي الجناية وإلزامه القيمة للغرماء وإلزامه المعيب من غير اختياره زيلعي (قوله والزوجين) أي ولو صغيرين زيلعي (قوله فالمستثنى أحد عشر) كان الواجب تقديم هذه الجملة على قوله بخلاف الكبيرين والزوجين لعدم دخولهما في المستثنى منه ا هـ. ح والأحد عشر: الإعتاق، توابعه، بيعه ممن حلف بعتقه كون المالك كافرا كونه متعددا، تعدد المحارم، ظهوره مستحقا دفعه بجناية، بيعه بالدين، بيعه بإتلاف مال، ورده بعيب. وزاد في البحر ما إذا كان الصغير مراهقا ورضيت أمه ببيعه. ا هـ. ط. قلت في الفتح: لو كان الولد مراهقا فرضي بالبيع واختاره ورضيته أمه جاز بيعه. ا هـ. ويزاد أيضا ما في الفتح حيث قال: ومن صور جواز التفريق ما في المبسوط إذا كان للذمي عبد له امرأة أمة ولدت منه وأسلم العبد وولده صغير فإنه يجبر الذمي على بيع العبد وابنه وإن كان تفريقا بينه وبين أمه؛ لأنه يصير مسلما بإسلام أبيه فهذا تفريق بحق (قوله إلا من حربي)؛ لأن مفسدة التفريق عارضها أعظم منها كما قدمناه (قوله أيضا) أي كما في البيع الفاسد، وقدمنا عن الدرر أنه لا يجب فسخه، وما ذكره الشارح عزاه في الفتح أول باب الإقالة إلى النهاية ثم قال وتبعه غيره وهو حق؛ لأن رفع المعصية واجب بقدر الإمكان ا هـ. قلت: ويمكن التوفيق بوجوبه عليهما ديانة. بخلاف البيع الفاسد، فإنهما إذا أصرا عليه يفسخه القاضي جبرا عليهما. ووجهه أن البيع هنا صحيح ويملك قبل القبض ويجب فيه الثمن لا القيمة، فلا يلي القاضي فسخه لحصول الملك الصحيح (قوله مجمع) عبارته: ويجوز البيع ويأثم. ا هـ. وليس فيه ذكر الفسخ (قوله مسلما) أي رقيقا مسلما ط (قوله مع الإجبار إلخ) أي لرفع ذل الكافر عن المسلم ولحفظ الكتاب عن الإهانة ط، والله سبحانه أعلم.
|