الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: رد المحتار على الدر المختار شرح تنوير الأبصار ***
تقدم وجه تقديم اللقيط عليها. وقال في العناية: هما متقاربان لفظا ومعنى، وخص اللقيط ببني آدم واللقطة بغيرهم للتمييز بينهما، وقدم الأول لشرف بني آدم (قوله: بالفتح) أي فتح القاف مع ضم اللام وبفتحهما كما في القاموس (قوله: وتسكن) قال الأزهري: الفتح قول جميع أهل اللغة وحذاق النحويين. وقال الليث: هي بالسكون، ولم أسمعه لغيره. ومنهم من يعد السكون من لحن العوام مصباح (قوله اسم وضع للمال الملتقط) فهو حقيقة لا مجاز، وهذا هو المتبادل من كتب اللغة، لكن اختار في الفتح أنها مجاز؛ لأنها بالفتح وصف مبالغة للفاعل كهمزة ولمزة لكثير الهمز واللمز، وبالسكون للمفعول كضحكة وهزأة لمن يضحك منه ويهزأ به، وإنما قيل للمال لقطة بالفتح؛ لأن الطباع في الغالب تبادر إلى التقاطه؛ لأنه مال فصار باعتبار أنه داع إلى أخذه لمعنى فيه كأنه الكثير الالتقاط مجازا وإلا فحقيقته الملتقط الكثير الالتقاط، وما عن الأصمعي وابن الأعرابي أنه بالفتح اسم للمال أيضا محمول على هذا. ا هـ. (قوله وشرعا مال يوجد ضائعا) الظاهر أنه مساو للمعنى اللغوي المذكور، ومثله قول المصباح: الشيء الذي تجده ملقى فتأخذه، ويدل عليه أن ابن كمال لم يذكر المعنى اللغوي، وهو ظاهر كلام الفتح أيضا. وعليه فلا يلزم في حقيقتها عدم معرفة المالك ولا عدم الإباحة. أما الأول فلأنه إذا وجب رده إلى مالكه الذي ضاع منه لا يخرج عن كونه لقطة. أما كونها يجب تعريفها فذاك إذا لم يعرف مالكها، إذ لا يلزم اتحاد الحكم في جميع أفراد الحقيقة كالصلاة وغيرها. وأما المباح كالساقط من حربي فكذلك، ومثله ما يلقط من الثمار كجوز ونحوه كما يأتي، فهو يسمى لقطة شرعا ولغة وإن لم يجب تعريفه ولا رده إلى مالكه. وبه علم مغايرة هذا التعريف لما بعده، ولا ضرر في ذلك فافهم (قوله: مال يوجد إلخ) فخرج ما عرف مالكه فليس لقطة بدليل أنه لا يعرف بل يرد إليه، وبالأخير مال الحربي. لكن يرد عليه ما كان محرزا بمكان أو حافظ فإنه داخل في التعريف، فالأول أن يقال هو مال معصوم معرض للضياع بحر. وأقول: الحرز بالمكان ونحوه خرج بقوله يوجد أي في الأرض ضائعا إذ لا يقال في المحرز ذلك. على أنه في المحيط جعل عدم الإحراز من شرائطها وعرفها بما يأتي، وهذا يفيد أن عدم معرفة المالك ليس شرطا في مفهومها نهر (قوله: رفع شيء إلخ) هذا تعريف لها بالمعنى المصدري: أعني الالتقاط؛ لأنه لازمها، وهذا يقع في كلامهم كثيرا، ومنه الأضحية فإنها اسم لما يضحى به. وعرفوها شرعا بذبح حيوان مخصوص إلخ وهذا التعريف يخرج ما كان مباحا (قوله: لا للتمليك) الأولى لا للتملك (قوله: وفيه أنه أمانة لا لقطة إلخ) فيه نظر، فإن اللقطة أيضا أمانة، وعدم وجوب تعريفه لا يخرجه عن كونه لقطة كما قدمنا؛ لأنه وإن علم مالكه فهو مال ضائع: أي لا حافظ له نظير ما مر في المال الذي يوجد مع اللقيط. وفي القاموس: ضاع الشيء صار مهملا، ولهذا ذكر في النهر أن هذا الفرع يدل على ما استفيد من هذا التعريف من أن عدم معرفة المالك ليس شرطا في مفهومها (قوله: ندب رفعها) وقيل الأفضل عدمه. والصحيح الأول، وهو قول عامة العلماء خصوصا في زماننا كما في شرح الوهبانية. قلت: ويمكن التوفيق بالأمن وعدمه (قوله: إن أمن على نفسه تعريفها) أي عدم تعريفها كما لا يخفى. ا هـ. ح أي؛ لأن الأمن مما يخاف منه والمخوف عدم التعريف لا التعريف، إلا أن يدعي تضمين أمن على نفسه معنى وثق منها تأمل. (قوله: وإلا) أي وإن لم يأمن بأن شك، فلا ينافي ما في البدائع؛ لأنه فيما إذا أخذها لنفسه، فإذا تيقن من نفسه منعها من صاحبها فرض الترك، وإذا شك ندب أفاده ط لكن إن أخذها لنفسه لم يبرأ من ضمانها إلا بردها إلى صاحبها كما في الكافي (قوله: لأنها كالغصب) أي حكما من جهة الحرمة والضمان، وإلا فحقيقة الغصب رفع اليد المحقة ووضع المبطلة، ولا يد محقة هنا تأمل (قوله: ووجب أي فرض) ظاهره أن المراد الفرض القطعي الذي يكفر منكره، وفيه نظر على أنه في الفتح لم يفسر الوجوب بالافتراض كما فعل الشارح، بل قال: وإن غلب على ظنه ذلك: أي ضياعها إن لم يأخذها ففي الخلاصة يفترض الرفع ا هـ. تأمل (قوله: فتح وغيره) أي كالخلاصة والمجتبى، لكن في البدائع أن الشافعي قال: إنه واجب وهو غير سديد؛ لأن الترك ليس تضييعا بل امتناع عن حفظ غير ملتزم كالامتناع عن قبول الوديعة ا هـ. وأشار في الهداية إلى التبري من الوجوب بقوله وهو واجب إذا خاف الضياع على ما قالوا بحر ملخصا، وجزم في النهر بأن ما في البدائع شاذ وأن ما في الخلاصة جرى عليه في المحيط والتتارخانية والاختيار وغيرها. ا هـ. قلت: وكذا في شرح الوهبانية تبعا للذخيرة (قوله: عند خوف ضياعها) المراد بالخوف غلبة الظن كما نقلناه آنفا عن الفتح، وهذا إذا أمن على نفسه وإلا فالترك أولى كما في البحر عن المحيط تأمل (قوله: كما مر) أي في اللقيط من قوله التقاطه فرض كفاية إذا غلب على ظنه هلاكه لو لم يرفعه، ولو لم يعلم به غيره ففرض عين ا هـ. وينبغي هذا التفصيل هنا حموي (قوله: فلو تركها) أي وقد أمن على نفسه وإلا فالترك أفضل ط (قوله: ظاهر كلام النهر لا) الأولى أن يقول: استظهر في النهر لا، وأصله لصاحب البحر استدلالا بما في جامع الفصولين: لو انفتح زق فمر به رجل فلو لم يأخذه بريء، ولو أخذه ثم ترك ضمن لو مالكه غائبا لا لو حاضرا وكذا لو رأى ما وقع من كم رجل. ا هـ. فقوله وكذا يدل على أنه لا يضمن بترك أخذه، لكنه يدل على أنه لو أخذه ثم تركه يضمنه، وهو خلاف ما يأتي قريبا عن الفتح، والفرق بينه وبين الزق أن الزق إذا انفتح ثم تركه بعد أخذه لا بد من سيلان شيء منه فالهلاك فيه محقق، بخلاف الواقع من الكم لو تركه بعد أخذه لاحتمال أن يلتقطه أمين غيره. [تنبيه] أفاد أنه لا يلزم من الإثم الضمان، واستدل له في البحر بما قالوا لو منع المالك عن أمواله حتى هلكت يأثم ولا يضمن. ا هـ. قلت وكذا لو حل دابة مربوطة ولم يذهب بها فهربت أو فتح باب قفص فيه طير أو دار فيها دواب فذهبت فلا يضمن، بخلاف ما إذا حل حبلا علق فيه شيء أو شق زقا فيه زيت كما في الحاكم؛ لأن السقوط والسيلان محقق بنفس الحل والشق، بخلاف ذهاب الدواب أو الطير فإنه بفعلها لا بنفس فتح الباب، ومثله ترك اللقطة بعد أخذها فإن هلاكها ليس بالترك بل بفعل الآخذ بعده وكذا لو تركها قبل أخذها بالأولى، بخلاف ترك الزق المنفتح بعد أخذه فإن سيلانه بتركه، أما لو تركه قبل أخذه فإنه لا ينسب سيلانه إليه أصلا (قوله: لما في الصيرفية إلخ) ذكر الزاهدي هذا الفرع بلفظ رأى حماره. قال الخير الرملي: فلو الحمار لغيره أفتيت بعدم الضمان ا هـ. ولا يخفى ظهور الفرق بين حماره وحمار غيره، فإنه إذا كان الحمار له وتركه صار الفعل منسوبا إليه والنفع عائدا عليه، بخلاف حمار غيره فإنه وإن كان الإتلاف محققا وهو يشاهده لكنه لا ينتفع به فهو كما لو رأى زقا منفتحا كما مر؛ وإذا لم يضمن هنا لا يضمن بترك اللقطة بالأولى لعدم تحقق التلف به كما قلنا فافهم (قوله: لم يضمن في ظاهر الرواية) هذا إذا أخذها ليعرفها فلو ليأكلها لا يبرأ ما لم يردها إلى ربها كما في [نور العين] عن الخانية، وقدمناه عن كافي الحاكم، وأطلقه فشمل ما إذا ردها قبل أن يذهب بها أو بعده. قال في الفتح: وقيده بعض المشايخ بما إذا لم يذهب بها، فلو بعده ضمن، وبعضهم ضمنه مطلقا، والوجه ظاهر المذهب ا هـ. وشمل أيضا ما لو خاف بإعادتها الهلاك، وهو مؤيد لما استظهره في النهر كما مر (قوله: وصح التقاط صبي وعبد) أي ويكون التعريف إلى ولي الصبي كما في المجتبى. وينبغي أن يكون التعريف إلى مولى العبد كالصبي بجامع الحجر فيهما، أما المأذون والمكاتب فالتعريف إليهما نهر. وصح أيضا التقاط الكافر لقول الكافي: لو أقام مدعيها شهودا كفارا على ملتقط كافر قبلت. ا هـ. وعليه فتثبت الأحكام من التعريف والتصدق بعده أو الانتقاع، ولم أره صريحا بحر (قوله: لا مجنون إلخ) مأخوذ من قوله في النهر ينبغي أن لا يتردد في اشتراط كونه عاقلا صاحيا فلا يصح التقاط المجنون إلخ، لكن الشارح زاد عليه المعتوه، وقدمنا أول باب المرتد أن حكمه حكم الصبي العاقل، ومقتضاه صحة التقاطه تأمل. قال ط: وفائدة عدم صحة التقاط المجنون ونحوه أنه بعد الإفاقة ليس له الأخذ ممن أخذها منه. ومفاد التعليل تقييد الصحة في الصبي بالعقل ا هـ. (قوله: فإن أشهد عليه) ظاهر المبسوط اشتراط العدلين فتح (قوله: ويكفيه) أي في الإشهاد أن يقول إلخ وكذا قوله عندي ضالة أو شيء فمن سمعتموه إلخ، ولا فرق بين كون اللقطة واحدة أو أكثر؛ لأنها اسم جنس، ولا يجب أن يعين ذهبا أو فضة خصوصا في هذا الزمان فتح، وقوله أو شيء يدل على أنه لا يشترط التصريح بكونه لقطة وبه صرح في البحر عن الولوالجية (قوله: ينشد) في المصباح نشدت الضالة نشدا من باب قتل طلبتها: وكذا إذا عرفتها والاسم نشدة ونشدان بكسرهما وأنشدتها بالألف عرفتها (قوله: وعرف) معطوف على أشهد، فظاهره أن الإشهاد لا يكفي لنفي الضمان، وهكذا شرط في المحيط لنفي الضمان الإشهاد وإشاعة التعريف. وحكى فيه في الظهيرية اختلافا. فقال الحلواني يكفي عن التعريف إشهاده عند الأخذ بأنه أخذها ليردها وهو المذكور في السير. ومنهم من قال يأتي على أبواب المساجد وينادي. وحاصله أن الإشهاد لا بد منه على قول الإمام باتفاقهم، والخلاف في أنه هل يكفي عن التعريف بعده أو لا؟ ولم يقل أحد: إن التعريف بعد الأخذ يكفي عن الإشهاد وقت الأخذ خلافا لما فهمه في الفتح، هذا حاصل ما في البحر والنهر (قوله: أي نادى عليها إلخ) أشار إلى أن المراد بالتعريف الجهر به كما في الخلاصة لا كما فعله بعضهم حيث دلى رأسه في بئر خارج المصر فنادى عليها فاتفق أن صاحبها كان هناك فسمعه كما حكاه السرخسي، ومر أن لقطة الصبي يعرفها وليه، زاد في القنية أو وصيه وهل للملتقط دفعها إلى غيره ليعرفها فقيل نعم إن عجز، وقيل لا ما لم يأذن القاضي بحر ملخصا. وفي القهستاني: له دفعها لأمين، وله استردادها منه، وإن هلكت في يده لم يضمن (قوله: وفي المجامع) أي محلات الاجتماع كالأسواق وأبواب المساجد بحر، وكبيوت القهوات في زماننا (قوله: إلى أن علم أن صاحبها لا يطلبها) لم يجعل للتعريف مدة اتباعا للسرخسي فإنه بنى الحكم على غالب الرأي، فيعرف القليل والكثير إلى أن يغلب على رأيه أن صاحبه لا يطلبه، وصححه في الهداية، وفي المضمرات والجوهرة وعليه الفتوى وهو خلاف ظاهر الرواية من التقدير بالحول في القليل والكثير كما ذكره الإسبيجابي، وعليه قيل يعرفها كل جمعة وقيل كل شهر، وقيل كل ستة أشهر بحر. قلت: والمتون على قول السرخسي والظاهر أنه رواية أو تخصيص لظاهر الرواية بالكثير تأمل. قال في الهداية فإن كانت شيئا يعلم أن صاحبها لا يطلبها كالنواة وقشر الرمان يكون إلقاؤه إباحة، حتى جاز الانتفاع به بلا تعريف ولكنه يبقى على ملك مالكه؛ لأن التمليك من المجهول لا يصح. وفي شرح السير الكبير: لو وجد مثل السوط والحبل فهو بمنزلة اللقطة، وما جاء في الترخيص في السوط فذاك في المنكسر ونحوه مما لا قيمة له ولا يطلبه صاحبه بعدما سقط منه وربما ألقاه مثل النوى وقشور الرمان وبعر الإبل وجلد الشاة الميتة. أما ما يعلم أن صاحبه يطلبه فهو بمنزلة اللقطة، والدابة العجفاء التي يعلم أن صاحبها تركها إذا أخذها إنسان فعليه ردها استحسانا؛ لأن صاحبها إنما تركها عجزا فلا يزول ملكه عنها بذلك، والسوط إنما ألقاه رغبة عنه لقدرته على حمله، ولو ادعى على صاحب الدابة أنك قلت: من أخذها فهي له فالقول لصاحبها بيمينه إلا إذا نكل أو برهن الآخذ فهي له، وإن لم يكن حاضرا حين هذه المقالة وبعد صحة الهبة إذا سمنت الدابة في يده فليس للواهب الرجوع؛ لأن الزيادة المتصلة تمنع الرجوع ا هـ. ملخصا (قوله: كانت أمانة) جواب قوله فإن أشهد إلخ (قوله: مع التمكن منه) أي من الإشهاد؛ أما لو لم يجد من يشهده عند الرفع أو خاف أنه لو أشهد عنده يأخذه منه الظالم فتركه لا يضمن بحر عن الخانية (قوله: أو لم يعرفها) مبني على ما مر من أن الإشهاد لا يكفي عن التعريف (قوله: إن أنكر بها) أما لو صدقه فلا ضمان إجماعا بحر (قوله: وبه نأخذ إلخ) وكذا ذكر الطحاوي كما في النهر عن الأتقاني. قال في البحر: وفي الولوالجية: محل الاختلاف فيما إذا اتفقا على كونها لقطة لكن اختلفا هل التقطها للمالك أو لا أما إذا اختلفا في كونها لقطة فقال المالك أخذتها غصبا وقال الملتقط لقطة وقد أخذتها لك فالملتقط ضامن بالإجماع (قوله: ولو من الحرم) لإطلاق قوله عليه الصلاة والسلام: «اعرف عفاصها» أي وعاءها ووكاءها أي رباطها «وعرفها سنة» وأما قوله عليه الصلاة والسلام في مكة «ولا تحل ساقطتها إلا لمنشد» فقال في الفتح لا يعارضه؛ لأن معناه لا يحل إلا لمن يعرف ولا يحل لنفسه، وتخصيص مكة حينئذ لدفع وهم سقوط التعريف بها بسبب أن الظاهر أن ما وجد بها من لقطة فالظاهر أنه للغرباء وقد تفرقوا، فلا يفيد التعريف فيسقط (قوله: ولقطة ولقطة) أي لا فرق بينهما: أي في وجوب أصل التعريف ليناسب قوله إلى أن علم أن صاحبها لا يطلبها فإنه يقتضي تعريف كل لقطة بما يناسبها، بخلاف ما مر عن ظاهر الرواية من التعريف حولا للكل (قوله: فينتفع الرافع) أي من رفعها من الأرض: أي التقطها وأتى بالفاء، فدل على أنه إنما ينتفع بها بعد الإشهاد والتعريف إلى أن غلب على ظنه أن صاحبها لا يطلبها، والمراد جواز الانتفاع بها والتصدق، وله إمساكها لصاحبها. وفي الخلاصة له بيعها أيضا وإمساك ثمنها ثم إذا جاء ربها ليس له نقض البيع لو بأمر القاضي، وإلا فلو قائمة له إبطاله؛ وإن هلكت، فإن شاء ضمن البائع وعند ذلك ينفذ بيعه في ظاهر الرواية وله دفعها للقاضي فيتصدق بها أو يقرضها من مليء أو يدفعها مضاربة والظاهر أن له البيع أيضا. وفي الحاوي القدسي الدفع إلى القاضي أجود ليفعل الأصلح. وفي المجتبى: التصدق بها في زماننا أولى، وينبغي التفصيل بين من يغلب على الظن ورعه وعدمه نهر ملخصا. [تنبيه] ظاهر كلامهم متونا وشروحا أن حل الانتفاع للفقير بعد التعريف لا يتوقف على إذن القاضي، ويخالفه ما في الخانية من أنه لا يحل ذلك للفقير بلا أمره عند عامة العلماء. وقال بشر يحل. ا هـ. بحر، ومثله في الشرنبلالية عن البرهان، نعم في الهداية والعناية جواز الانتفاع للغني بإذن الإمام؛ لأنه مجتهد فيه، ويأتي قريبا عن النهر. وفي النهر: معنى الانتفاع بها صرفها إلى نفسه كما في الفتح، وهذا لا يتحقق ما بقيت في يده لا تملكها كما توهمه في البحر؛ لأنها باقية على ملك صاحبها ما لم يتصرف بها، حتى لو كانت أقل من نصاب وعنده ما تصير به نصابا حال عليه الحول تحت يده لا يجب عليه زكاة. ا هـ. قلت: مقتضاه أنها لو كانت ثوبا فلبسه لا يملكها مع أنه يصدق عليه أنه صرفها إلى نفسه، فمراد البحر التصرف بها على وجه التملك، فلو دراهم يكون بإنفاقها وغيرها بحبسه، فهو احتراز عن التصرف بطريق الإباحة على ملك صاحبها، ولذا قال: إنما فسرنا الانتفاع بالتملك؛ لأنه ليس المراد الانتفاع بدونه كالإباحة ولذا ملك بيعها وصرف الثمن إلى نفسه كما في الخانية. ا هـ. (قوله: لو فقيرا) قيد به؛ لأن الغني لا يحل له الانتفاع بها إلا بطريق القرض، لكن بإذن الإمام نهر (قوله: على فقير) أي ولو ذميا لا حربيا كما في شرح السير. قال في النهر: قالوا ولا يجوز على غني ولا على طفله الفقير وعبده، ولو فعل ينبغي أن لا يتردد في ضمانه (قوله: وفرعه) الضمير عائد إلى الغني المفهوم من قوله وإلا تصدق بها، فلا بد أن يراد بفرعه الكبير الفقير، لما علمت من أنه لا يجوز على طفل الغني ولو فقيرا (قوله: توضع في بيت المال) للنوائب بحر ط (قوله: وفي القنية إلخ) عبارتها: وما يتصدق به الملتقط بعد التعريف وغلبة ظنه أنه لا يوجد صاحبه لا يجب إيصاؤه، وإن كان يرجو وجود المالك وجب الإيصاء ا هـ. والمراد الإيصاء بضمانها إذا ظهر صاحبها ولم يجز تصدق الملتقط لا الإيصاء بعينها قبل التصدق بها لكنه مفهوم بالأولى فلذا عمم الشارح. وفي النهر: ثم إذا أمسكها وحضرته الوفاة أوصى بها ثم الورثة يعرفونها. قال في الفتح، ومقتضى النظر أنهم لو لم يعرفوها حتى هلكت وجاء صاحبها أنهم يضمنون؛ لأنهم وضعوا أيديهم على اللقطة ولم يشهدوا أي لم يعرفوا. قال في البحر: وقد يقال إن التعريف عليهم غير واجب حيث عرفها الملتقط. ا هـ. قلت: الظاهر أن كلام الفتح فيما إذا لم يشهد الملتقط ولم يعرفها بناء على ما قدمناه عنه من أن الشرط التعريف قبل هلاكها لا الإشهاد وقت الأخذ، وتقدم ما فيه. (قوله: بعد التصدق) أراد به ما يشمل انتفاع الملتقط بها إذا كان فقيرا كما في البحر (قوله: أو تضمينه) فيملكها الملتقط من وقت الأخذ ويكون الثواب له خانية (قوله: إجازتها) الأولى إجازته أي إجازة فعل الملتقط (قوله: الصبي كبالغ) أي في اشتراط الإشهاد. قال في البحر: وفي القنية: وجد الصبي لقطة ولم يشهد يضمن كالبالغ. ا هـ. قلت: والمراد ما يشمل إشهاد وليه أو وصيه (قوله: ثم لأبيه أو وصيه التصدق) أي بعد الإشهاد والتعريف كما في القنية. قال في البحر: وكذا له تمليكها للصبي لو فقيرا بالأولى (قوله: وضمانها في مالها) كذا بحثه في شرح منظومة ابن وهبان للمصنف حيث قال: ينبغي على قول أصحابنا إذا تصدق بها الأب أو الوصي ثم ظهر صاحبها وضمنها أن يكون الضمان في مالهما دون الصبي. ا هـ. قلت: قد يؤيد بحثه بما يأتي من أن للملتقط تضمين القاضي تأمل، وبه يندفع بحث البحر بأن في تصدقهما بها إضرارا بالصغير إذا حضر المالك والعين هالكة من يد الفقير (قوله: ولو تصدق بأمر القاضي) مرتبط بقوله أو تضمينه؛ لأن أمر القاضي لا يزيد على تصدقه بنفسه (قوله: وأيهما ضمن لا يرجع به على صاحبه) فإن ضمن الملتقط ملكها الملتقط من وقت الأخذ ويكون الثواب له خانية. وبه علم أن الثواب موقوف بحر (قوله: أو ضال) الضال: هو الإنسان، والضالة الحيوان الضائع من ذكر أو أنثى، ويقال لغير الحيوان ضائع ولقطة مصباح. فعلم أن الضالة بالتاء تشمل الإنسان الضائع وغيره من الحيوان، وبدون تاء خاص بالإنسان، وهو المناسب هنا لعطفه على البهيمة (قوله: أصلا) أي سواء التقطه من مكان قريب أو بعيد، بخلاف الآبق كما يأتي. وفي كافي الحاكم: وإن عوضه شيئا فحسن (قوله: فله أجر مثله) علله في المحيط بأنها إجارة فاسدة. واعترضه في البحر بأنه لا إجارة أصلا لعدم من يقبل. وأجاب المقدسي بحمله على أنه قال ذلك لجمع حضر. قلت: يؤيده ما في إجارات الولوالجية: ضاع له شيء فقال من دلني عليه فله كذا فالإجارة باطلة؛ لأن المستأجر له غير معلوم والدلالة ليست بعمل يستحق به الأجر فلا يجب الأجر؛ وإن خصص بأن قال لرجل بعينه إن دللتني عليه فلك كذا، إن مشى له ودله يجب أجر المثل في المشي؛ لأن ذلك عمل يستحق بعقد الإجارة إلا أنه غير مقدر بقدر فيجب أجر المثل، وإن دله بلا مشي فهو والأول سواء. ا هـ. وبه ظهر أنه هنا إن خصص فالإجارة فاسدة لكون مكان الرد غير مقدر فيجب أجر المثل، وإن عمم فباطلة ولا أجر، فقوله كإجارة فاسدة الأولى ذكره بصيغة التعليل كما فعل في المحيط. (قوله: وندب التقاط البهيمة إلخ) وقال الأئمة الثلاثة: إذا وجد البقر والبعير في الصحراء فالترك أفضل؛ لأن الأصل في أخذ مال الغير الحرمة وإباحة الالتقاط مخافة الضياع، وإذا كان معها ما تدفع به عن نفسها كالقرن مع القوة في البقر والرفس مع الكدم في البعير والفرس يقل ظن ضياعها ولكنه يتوهم. ولنا أنها لقطة يتوهم ضياعها فيستحب أخذها وتعريفها صيانة لأموال الناس كالشاة، وقوله عليه الصلاة والسلام: «في ضالة الإبل، مالك ولها؟ معها سقاؤها وحذاؤها ترد الماء وتأكل الشجر، فذرها حتى يجدها ربها» أجاب عنه في المبسوط بأنه كان إذ ذاك لغلبة أهل الصلاح والأمانة، وأما في زماننا فلا يؤمن وصول يد خائنة إليها بعده، ففي أخذها إحياؤها وحفظها فهو أولى، ومقتضاه إن غلب على ظنه ذلك أن يجب الالتقاط وهذا حق، فإنا نقطع بأن مقصود الشارع وصولها إلى ربها، فإذا تغير الزمان وصار طريق التلف فحكمه عنده بلا شك خلافه وهو الالتقاط للحفظ، وتمامه في الفتح (قوله: وكره إلخ) قال في البحر: وبه علم أن التقاط البهيمة على ثلاثة أوجه، لكن ظاهر الهداية أن صورة الكراهة إنما هي عند الشافعي لا عندنا. ا هـ. قلت: وهو أيضا ظاهر ما قدمناه آنفا عن الفتح (قوله: وكدم) بفتح الكاف وسكون الدال فعله من باب ضرب وقتل وهو العض بأدنى الفم (قوله: إن ظن أنها ضالة) أي غلب على ظنه بأن كانت في موضع لم يكن بقربه بيت مدر أو شعر أو قافلة نازلة أو دواب في مراعيها بحر عن الحاوي. (قوله: إلا إذا قال له قاض إلخ) أي بعد إقامة البينة من الملتقط كما شرطه في الأصل وصححه في الهداية لاحتمال أن يكون غصبا في يده، والبينة لكشف الحال لا للقضاء فلا يشترط لها خصم، وصرح في الظهيرية بأن الملتقط كذلك، وإن قال لا بينة لي يقول له بين يدي ثقات أنفق عليها إن كنت صادقا، وقدمنا أن القاضي لو جعل ولاء اللقيط للملتقط جاز؛ لأنه قضاء في فصل مجتهد فيه فعليه لا يكون متبرعا بالإنفاق بلا أمره إذا أشهد ليرجع كالوصي بحر ملخصا (قوله: لم يكن دينا في الأصح)؛ لأن الأمر متردد بين الحسبة والرجوع، فلا يكون دينا بالشك بحر (قوله: لا ما زعمه ابن الملك) من أنه إذا لم يأمره بالإنفاق فادعاه بعد بلوغه وصدقه اللقيط رجع عليه ح (قوله: نهر) أصله للبحر (قوله: والمديون) أي الذي يثبت للملتقط الرجوع عليه بما أنفقه بقول القاضي أنفق لترجع (قوله: أو سيده) أي إن ظهر له سيد بإقراره بحر (قوله: أو هو بعد بلوغه) فلو مات صغيرا يرجع على بيت المال كما في القهستاني عن النظم (قوله وإن كان لها نفع) بأن كانت بهيمة يحمل عليها كالحمار والبغل (قوله: بإذن الحاكم) الذي في الملتقى وغيره أنه يؤجرها القاضي، لكن لا يخفى أن إذنه كفعله (قوله: منه) أي من بدل الإجارة (قوله كالضال) أي العبد الذي ضل عن سيده (قوله: بخلاف الآبق) فإنه لا يؤجره القاضي؛ لأنه يخاف عليه أن يأبق، كذا في التبيين، وسوى بينهما في الهداية بقوله كذلك يفعل بالعبد الآبق بحر، ووفق المقدسي في شرحه بحمل ما في الهداية على ما إذا كان معه علامة تمنع من الإباق كالراية، ونقل الشرنبلالي عنه وجها آخر، وهو حمله على ما إذا كان المستأجر ذا قوة ومنعة لا يخاف عليه أو على الإيجار مع إعلام المستأجر بحاله ليحفظه غاية الحفظ ا هـ. قال في البحر: ولم أر حكم اللقيط إذا صار مميزا ولا مال له هل يؤجره القاضي للنفقة أو لا (قوله ولو الإنفاق أصلح إلخ) قالوا إنما يؤمر بالإنفاق يومين أو ثلاثة على قدر ما يرى رجاء أن يظهر مالكها، فإذا لم يظهر يأمر ببيعها؛ لأن دارة النفقة مستأصلة فلا نظر في الإنفاق مدة مديدة هداية. (قوله: وله منعها من ربها ليأخذ النفقة) فإن لم يعطه باعها القاضي وأعطى نفقته ورد عليه الباقي، ولا فرق بين أن يكون الملتقط أنفق من ماله أو استدل بأمر القاضي ليرجع على صاحبها كما في الحاوي، وقد صرحوا في نفقة الزوجة المستدانة بإذن القاضي أن المرأة تتمكن من الحوالة عليه بغير رضاه وقياسه هنا كذلك بحر (قوله: فإن هلكت بعد حبسه) أي مع الملتقط اللقطة عن صاحبها سقطت النفقة؛ لأنها تصير كالرهن. قال في النهر: ولم يحك المصنف في الكافي تبعا لصاحب الهداية فيه خلافا فيفهم أنه المذهب، وجعله القدوري في تقريبه قول زفر. وعند أصحابنا لا يسقط لو هلك بعده، وعزاه في الينابيع إلى علمائنا الثلاثة. ا هـ. قلت: وظاهر الفتح اعتماد ما ذكره القدوري، فإنه قال: إنه المنقول، وكذا نقل في الشرنبلالية عن خط العلامة قاسم أن ما في الهداية ليس بمذهب لأحد من علمائنا الثلاثة، وإنما هو قول زفر ولا يساعده الوجه، ثم نقل عن المقدسي أنه يمكن أن يكون عن علمائنا فيه روايتان، أو اختار في الهداية قول زفر فتأمل.ه ا هـ. وعلى ما في الهداية جرى في الملتقى والدرر والنقاية وغيرها (قوله: جبرا عليه) أفاد أن المراد بعدم الدفع عدم لزومه كما في البحر (قوله: بلا بينة) أراد بها القضاء بها بحر (قوله: فإن بين علامة) أي مع المطابقة ومر في اللقيط أن الإصابة في بعض العلامات لا تكفي. وظاهر قول التتارخانية أصاب في علامات اللقطة كلها أنه شرط، ولم أر ما لو بين كل من المدعيين وأصابا، وينبغي حل الدفع لهما بحر (قوله: بين أو لا) لكن هل يجبر: قيل نعم كما لو برهن، وقيل لا كالوكيل يقبض الوديعة إذا صدقه المودع. ودفع الفرق بأن المالك هنا غير ظاهر والمودع في مسألة الوديعة ظاهر فتح. [تتمة] دفع بالتصديق أو بالعلامة وأقام آخر بينة أنها له، فإن قائمة أخذها، وإن هالكة ضمن أيهما شاء؛ فإن ضمن القابض لا يرجع على أحد أو الملتقط فكذلك في رواية وفي أخرى يرجع وهو الصحيح؛ لأنه وإن صدقه إلا أنه بالقضاء عليه صار مكذبا شرعا فبطل إقراره نهر عن الفتح. (قوله: لأن يده أحق) لعل وجهه كونها أسبق وأن له حق تملكها بعد التعريف لو فقيرا، ويفهم منه بالأولى أنه لو انتزعها من يده آخر له أخذها منه كما قالوا في اللقيط، وهو خلاف ما في الولوالجية حيث سوى بين مسألتي الضياع والانتزاع في أنه لا خصومة له، ولا يخفى أن ما في السراج يشملها. (قوله: جهل أربابها) يشمل ورثتهم، فلو علمهم لزمه الدفع إليهم؛ لأن الدين صار حقهم. وفي الفصول العلامية: من له على آخر دين فطلبه ولم يعطه فمات رب الدين لم تبق له خصومة في الآخرة عند أكثر المشايخ؛ لأنها بسبب الدين وقد انتقل إلى الورثة. والمختار أن الخصومة في الظلم بالمنع للميت، وفي الدين للوارث. قال محمد بن الفضل: من تناول مال غيره بغير إذنه ثم رد البدل على وارثه بعد موته برئ عن الدين وبقي حق الميت لظلمه إياه، ولا يبرأ عنه إلا بالتوبة والاستغفار والدعاء له. ا هـ. (قوله: فعليه التصدق بقدرها من ماله) أي الخاص به أو المتحصل من المظالم. ا هـ. ط وهذا إن كان له مال. وفي الفصول العلامية: لو لم يقدر على الأداء لفقره أو لنسيانه أو لعدم قدرته قال شداد والناطفي رحمهما الله تعالى: لا يؤاخذ به في الآخرة إذا كان الدين ثمن متاع أو قرضا، وإن كان غصبا يؤاخذ به في الآخرة، وإن نسي غصبه، وإن علم الوارث دين مورثه والدين غصب أو غيره فعليه أن يقضيه من التركة، وإن لم يقض فهو مؤاخذ به في الآخرة، وإن لم يجد المديون ولا وارثه صاحب الدين ولا وارثه فتصدق المديون أو وارثه عن صاحب الدين برئ في الآخرة. مطلب فيمن عليه ديون ومظالم جهل أربابها (قوله: كمن في يده عروض لا يعلم مستحقيها) يشمل ما إذا كانت لقطة علم حكمها، وإن كانت غيرها فالظاهر وجوب التصدق بأعيانها أيضا (قوله: سقط عنه المطالبة إلخ) كأنه والله تعالى أعلم.؛ لأنه بمنزلة المال الضائع والفقراء مصرفه عند جهل أربابه، وبالتوبة يسقط إثم الإقدام على الظلم ط (قوله: يجب عليه أن يتصدق بمثله) المختار أنه لا يلزمه ذلك في القهستاني عن الظهيرية، وكذا في البحر والنهر عن الولوالجية. مطلب فيمن مات في سفره فباع رفيقه متاعه (قوله: جاز لرفيقه إلخ) الظاهر أنه احتراز عن الأجنبي إذ الرفيق في السفر مأذون بذلك دلالة كما قالوا في جواز إحرامه عن رفيقه إذا أغمي عليه وكذا إنفاقه عليه. وهذه المسألة وقعت لمحمد رحمه الله تعالى في سفره، مات بعض أصحابه فباع كتبه وأمتعته، فقيل له: كيف تفعل ذلك ولست بقاض، فقال: {والله يعلم المفسد من المصلح} يعني أن ذلك من المصلح المأذون فيه عادة، فإنه لو حمل متاعه إلى أهله يحتاج إلى نفقة ربما استغرقت المتاع، لكن للورثة الخيار. ففي أدب الأوصياء عن المحيط عن المنتقى: مات في السفر فباع رفقاؤه تركته وهم في موضع ليس فيه قاض. قال محمد: جاز بيعهم وللمشتري الانتفاع بما اشتراه منهم، ثم إذا جاء الوارث إن شاء أجاز البيع وإن شاء أخذ ما وجده من المتاع وضمن ما لم يجد كاللقطة إذا جاء صاحبها يأخذها، فإن لم يجد فله أن يضمن الذي أصابها وله أن يجيز التصدق. ا هـ. مطلب فيمن وجد حطبا في نهر أو وجد جوزا أو كمثرى (قوله: إن له قيمة فلقطة) وقيل: إنه كالتفاح الذي يجده في الماء. وذكر في شرح الوهبانية ضابطا، وهو أن ما لا يسرع إليه الفساد ولا يعتاد رميه كحطب وخشب فهو لقطة إن كانت له قيمة ولو جمعه من أماكن متفرقة في الصحيح كما لو وجد جوزة ثم أخرى وهكذا حتى بلغ ماله قيمة، بخلاف تفاح أو كمثرى في نهر جار فإنه يجوز أخذه وإن كثر؛ لأنه مما يفسد لو ترك، وبخلاف النوى إذا وجد متفرقا وله قيمة فيجوز أخذه؛ لأنه مما يرمى عادة فيصير بمنزلة المباح ولا كذلك الجوز، حتى لو تركه صاحبه تحت الأشجار فهو بمنزلته (قوله: ما لم يكن كثيرا) ذكر الضمير على تأويل التركة بالمتروك والظاهر أن المراد بالكثير ما زاد على خمسة دراهم لما في البحر عن الخلاصة والولوالجية: مات غريب في دار رجل ومعه قدر خمسة دراهم فله أن يتصدق على نفسه إن كان فقيرا كاللقطة وفي الخانية ليس له ذلك؛ لأنه ليس كاللقطة. قال في البحر والأول أثبت وصرح به في المحيط (قوله: فإن لم يجدهم فله لو مصرفا) هذا ذكره في النهر وهو زائد على ما نقله في البحر عن الحاوي القدسي، وقد راجعت الحاوي فلم أجده فيه أيضا. (قوله: محضنة) بالحاء المهملة والضاد المعجمة في المصباح: حضن الطائر بيضه إذا جثم عليه (قوله: أي برج) في المصباح: برج الحمام مأواه (قوله: اختلط بها أهلي لغيره) المراد بالأهلي ما كان مملوكا (قوله: لا ينبغي له أن يأخذه)؛ لأنه ربما يطير فيذهب إلى محله الأصلي، فلا ينافي ما مر أن اللقطة يندب أخذها أفاده ط (قوله: لأنه ملك الغير)؛ لأن ولد الحيوان يتبع أمه (قوله وإذا لم يملك الفرخ) أي ولم يعلم مالكه (قوله: وفي الوهبانية إلخ) نقل بالمعنى، وترك مما في الوهبانية قيد كون الثمار مما لا يبقى، وكون ذلك في بستان احتراز عن القرى والسواد. وحاصل ما في شرحها عن الخانية وغيرها أن الثمار إذا كانت ساقطة تحت الأشجار، فلو في المصر لا يأخذ شيئا منها ما لم يعلم أن صاحبها أباح ذلك نصا أو دلالة؛ لأنه في المصر لا يكون مباحا عادة، وإن كان في البستان، فلو الثمار مما يبقى ولا يفسد كالجوز واللوز لا يأخذه ما لم يعلم الإذن، ولو مما لا يبقى، فقيل كذلك والمعتمد أنه لا بأس به إذا لم يعلم النهي صريحا أو دلالة أو عادة، وإن كان في السواد والقرى، فلو الثمار مما يبقى لا يأخذ ما لم يعلم الإذن ولو مما لا يبقى اتفقوا على أن له الأخذ ما لم يعلم النهي، ولو كان الثمر على الشجر فالأفضل أن لا يؤخذ ما لم يؤذن له، إلا في موضع كثير الثمار يعلم أنهم لا يشحون بمثل ذلك فله الأكل دون الحمل (قوله: وفي الجوز ينكر)؛ لأنه مما يبقى ولا يرمى عادة، بخلاف التفاح والكمثرى؛ لأنه لو ترك يفسد، وبخلاف النوى؛ لأنه مما يرمى كما مر بيانه في مسألة الحطب. مطلب ألقى شيئا وقال من أخذه فهو له [فروع] ألقى شيئا وقال من أخذه فهو له فلمن سمعه أو بلغه ذلك القول أن يأخذه وإلا لم يملكه؛ لأنه أخذه إعانة لمالكه ليرده عليه، بخلاف الأول؛ لأنه أخذه على وجه الهبة وقد تمت بالقبض. ولا يقال: إنه إيجاب لمجهول فلا يصح هبة؛ لأنا نقول: هذه جهالة لا تفضي إلى المنازعة والملك يثبت عند الأخذ. وعنده هو متعين معلوم، أصله «أنه عليه الصلاة والسلام قرب بدنات ثم قال من شاء اقتطع». مطلب له الأخذ من نثار السكر في العرس ويقرره أن مجرد الإلقاء من غير كلام يفيد هذا الحكم كمن ينثر السكر والدراهم في العرس وغيره، فمن أخذ شيئا ملكه؛ لأن الحال دليل على الإذن، وعلى هذا لو وضع الماء والجمد على بابه يباح الشرب منه لمن مر به من غني أو فقير وكذا إذا غرس شجرة في موضع لا ملك فيه لأحد وأباح للناس ثمارها، وكل ذلك مأخوذ من الحديث ا هـ. ملخصا من شرح السير الكبير. مطلب من وجد دراهم في الجدار أو استيقظ وفي يده صرة وفي التتارخانية عن الينابيع اشترى دارا فوجد في بعض الجدار دراهم. قال أبو بكر: إنها كاللقطة. قال الفقيه وإن ادعاه البائع رد عليه، وإن قال ليست لي فهي لقطة. ا هـ. وفيها سأل رجل عطاء رحمه الله تعالى عمن بات في المسجد فاستيقظ وفي يده صرة دنانير؟ قال: إن الذي صرها في يدك لا يريد إلا أن يجعلها لك. وفي البحر: وجد في البادية بعيرا مذبوحا قريب الماء لا بأس بالأكل منه إن وقع في قلبه أن مالكه أباحه. مطلب أخذ صوف ميتة أو جلدها وعن الثاني: طرح ميتة فأخذ آخر صوفها له الانتفاع به وللمالك أخذه منه، ولو سلخ الجلد ودبغه للمالك أن يأخذه ويرد عليه ما زاد الدبغ فيه. وفي الخانية: وضعت ملاءتها ووضعت الأخرى ملاءتها ثم أخذت الأولى ملاءة الثانية لا ينبغي للثانية الانتفاع بملاءة الأولى، فإن أرادت ذلك قالوا ينبغي أن تتصدق بها على بنتها الفقيرة بنية كون الثواب لصاحبتها إن رضيت ثم تستوهب الملاءة من البنت؛ لأنها بمنزلة اللقطة. مطلب سرق مكعبه ووجد مثله أو دونه وكذلك الجواب في المكعب إذا سرق ا هـ. وقيده بعضهم بأن يكون المكعب الثاني كالأول أو أجود، فلو دونه له الانتفاع به بدون هذا التكلف؛ لأن أخذ الأجود وترك الأدون دليل الرضا بالانتفاع به، كذا في الظهيرية، وفيه مخالفة للقطة من جهة جواز التصدق قبل التعريف وكأنه للضرورة ا هـ. ملخصا. قلت: ما ذكر من التفصيل بين الأدون وغيره إنما يظهر في المكعب المسروق، وعليه لا يحتاج إلى تعريف؛ لأن صاحب الأدون معرض عنه قصدا فهو بمنزلة الدابة المهزولة التي تركها صاحبها عمدا بل بمنزلة إلقاء النوى وقشور الرمان. أما لو أخذ مكعب غيره وترك مكعبه غلطا لظلمة أو نحوها ويعلم ذلك بالقرائن فهو في حكم اللقطة لا بد من السؤال عن صاحبه بلا فرق بين أجود وأدون، وكذا لو اشتبه كونه غلطا أو عمدا لعدم دليل الإعراض، هذا ما ظهر لي فتأمل.ه. [فائدة] ذكر ابن حجر في حاشية الإيضاح عن بعض الصوفية قدس الله تعالى أسرارهم ما نصه: إذا ضاع منك شيء فقل: يا جامع الناس ليوم لا ريب فيه إن الله لا يخلف الميعاد، اجمع بيني وبين كذا ويسميه باسمه فإنه مجرب. قال النووي: وقد جربته فوجدته نافعا لوجود الضالة عن قرب غالبا. ونقل عن بعض مشايخه مثل ذلك. ا هـ. والله سبحانه أعلم.
|